أبشع امرأة في العالم تواجه المجتمع

اسرة ومجتمع 2024/01/28
...

  جون ستيل
  ترجمة: شيماء ميران

كانت رحلة {ماري آن بيفان} في الحياة مؤثرة، تخللتها مجموعة من المشاعر الانسانية، بدءا من الحزن العميق وصولا إلى الشجاعة الرائعة. فمع شديد الاسف، لقبت {بيفان} بـ{أبشع امرأة في العالم}، لكنها تجاوزت وصفها بهذا اللقب القاسي. كان مسار حياتها الذي اتسم بعقبات كبيرة واحكام مجتمعية في منتهى القسوة، بمثابة شهادة تشير إلى عمق وقوة الروح الانسانية وتعدد أوجه مفهوم الجمال.
حياة طبيعية نسبيا في البداية
ولدت “ماري آن بيفان” في كانون الاول من عام 1874، ونشأت في أسرة تنتمي إلى الطبقة العاملة في الطرف الشرقي من لندن، لم تختلف حياتها في بادئ الامر عن حياة اي فتاة اخرى ولدت في هذه المدينة أواخر القرن التاسع عشر.  
عملت ممرضة، ثم تزوجت من بائع الخضار “توماس بيفان” عام 1902، وعاشت معه قصة حب عميقة وحياة كريمة مع أطفالها الأربعة، وعاشوا بسعادة حتى عام 1914 حين توفي زوجها توماس بشكل مفاجئ، تاركا إياها أرملة مع أطفال
أيتام.

معاناة كبيرة
كان القدر قاسيا جدا مع “ماري” خصوصا حين اصيبت بمرض ضخامة الاطراف، وهو اضطراب نادر ينجم عن نمو غير حميد في الغدة النخامية يؤدي إلى الإفراط في انتاج هرمونات النمو، لتتغير ملامحها وتظهر بمظهر آخر وجده كثيرون مربكا، إذ نما انفها وقدماها ويداها وجبهتها وبدأ فكها بالبروز، فضلا عن الصداع المنهك وفقدان البصر.
ومع هذه التغيرات في شكلها بدأ مسار حياتها يتغير، فتحولت نظرة المجتمع من اللامبالاة إلى الفضول المرضي.
واجهت “ماري” بعد وفاة زوجها مسؤولية كبيرة في إعالة اطفالها ولم تكن الوظيفة كافية لدفع الفواتير.
ومع قلة الفرص المتاحة لها، اختارت خيارا مؤلما وهو الاستفادة من مظهرها الفريد من نوعه. إذ شاركت في مسابقة “أبشع امرأة في العالم” وفازت بها، ما قادها إلى المشاركة لاحقا في عرض دريم لاند في “كوني لاند”.
ورغم أن عملها المهين، لكنه كان وسيلة لضمان حياة كريمة لأسرتها.
تجربة في دائرة الضوء
كانت حياتها بمثابة معركة مستمرة بين سخرية المجتمع والكرامة الشخصية. ففي نظر المجتمع كان المشهد رائعا، لكن خلف الكواليس كانت اما شغوفا تتمتع بثبات لا يصدق. لتكون حياتها مثالا صارخا عن ميول المجتمع السطحية، التي تتجاهل شخصية الفرد الكامنة وراء مظهره الخارجي.
إلى جانب مشاركتها في كوني آيلاند، قدمت “ماري” عرضا آخر مع سيرك Ringling Bros جذب الجمهور بنحو مستمر، كما ظهرت إلى جانب السيدة فيولا، والسيدة الموشومة، وستيفان بيبروفسكي، الرجل ذو وجه الأسد. حتى أن الجمهور الذي كان يسعى للاحتفاظ بتذاكر العرض قاموا بشراء بطاقات بريدية عليها صورة “ماري”، وبذلك ساعدت الإيرادات في إبقائها صامدة وواقفة على قدميها.
كان اختيارها هذا بدافع قوي لا يتزعزع الا وهو تأمين حياة اطفالها، وتضحيتها بنفسها كان مثالا قويا على اخلاص الامومة، من خلال قدرتها على المثابرة ومواجهة الاذلال ببطولة عالية.

اثرها على التقدم العلمي
قدمت اصابة “ماري” بمرض ضخامة الاطراف رؤى قيمة إلى المجال الطبي، ما عزز فهم هذه الحالة المرضية. ومن خلال مكانتها البارزة ساعدت على تعزيز الوعي والادراك لأعمق الصعوبات التي يواجهها أولئك، الذين يصابون بامراض أو مشكلات طبية غير شائعة. وبذلك، كانت حياتها ذات معنى مؤثر أبعد بكثير من عملها في السيرك، من خلال الاثر الذي تركته على التقدم العلمي والوعي الحساس.
توفيت في الـ26 من كانون الاول عام 1933، عن عمر ناهز 59عاما، ودُفنت في مقابر”بروكلي وليديويل” في منطقة لويشام في لندن.

عن موقع ذا فينتج نيوز