التصنيف الأمثل للشخصية

ولد وبنت 2024/01/29
...

 د. سعد جوراني*


    لغاية الآن لا توجد في علم نفس الشخصية نظرية واحدة عامة لتصنيف وتعريف الشخصية إلى فئات لجميع الناس في العالم، انما توجد عدة نظريات يمكن تقسيمها إلى مجموعتين: الاولى تتضمن تصنيف الصفات والثانية تصنيف الأنواع، الأولى تحمل الصفات النفسية الأساسية، حيث لكل شخصية صفات معينة تميزها عن غيرها من البشر ولا يوجد شبيه لها مثل الشخصية المنفتحة، الضميرية، المنبسطة، الودودة، الحساسة، اما الثانية تعني أنواع الشخصيات الاجتماعية التي تتعامل مع المجتمع مثل الشخصية المتنافسة والشخصية الهادئة. ولا يسع المجال هنا إلى عرض مضامين كل منها، فقد تمت معالجة الاختلافات في ما بينها وتوحيدها بعد انطلاق ثورة علم الفوضى الكيوسية، ومن نتاجاتها الأهم هي انشاء منهجية موحدة للبحث العلمي بين جميع المعارف والعلوم الطبيعية والاجتماعية والإنسانية، وإعادة وضع جذور جديدة للعلم تؤسس لأخرى في تلك المعارف والعلوم، ومن بينها علم النفس، حيث إنها تنظر إلى الإنسان، كونه منظومة كيوسية طبيعية مثالية، وفيها اعتبرت أن شخصية الانسان هي المنظومة التي تتفاعل بشكل دائمي مع محيطها مدى الحياة، وأن الجزء من الشخصية الذي يتفاعل هو جبهة الشخصية، وتظهر مقابل كل حافز يثيرها عبارة، اما عقل أو نفس أو جسد أو مزيج من الأجزاء الثلاثة بنسب معينة.

 إن تلك البنى الثلاث للشخصية (العقل والنفس والجسد)، هي حقيقة معروفة واتخذتها نظرية الكيوس كمبدأ لتصنيف أناس إلى ثلاثة أنواع كبرى من فئات الشخصية، والتي كل منها تتضمن صفات رئيسة مشتركة بين مجموعة من الناس. وكل فئة تتفرع إلى فئات فرعية كل منها تحمل صفات فرعية مشتركة لدى بعض الافراد في الفئة الرئيسة.  إن البنية الثلاثية لشخصية الانسان (جسد وعقل ونفس) يمكن اتخاذها مبدأ أمثل لتصنيف الشخصية. وكل من هذه البنيات تصبح هي جبهة الشخصية في تفاعلها مع محيطها بقصد قيادتها، لذا فإن بعض الأفراد يقودهم العقل فقط، بعضها الآخر تقودهم النفس أي العاطفة وغيرهم يقودهم الجسد فقط. ومن حقيقة هذه البنية الثلاثية تندرج ثلاثة انواع كبرى للشخصية 

    خلاصة القول، لو فهمت هذه الحقيقة وأدركت بشكل جيد بحيث تدخل في ثقافة الفرد، فإنه سوف يمكن له أن يتحكم في كل موقف، حيث يمكنه أن يغير جبهة الشخصية ليتلاءم مع الموقف وينسجم معه وينجح، في النهاية سوف تزول معظم المشكلات الناتجة، عن عدم تأهيل الفرد لثقافة العصر وتكيفه معها، ليصبح ممارسا فعاّلا مرنا في كيف يقود ذاته وخبراته بمحيطه الانساني والعالم، بحيث يعرف ماذا يحتاج لتغذيته كمنظومة ديناميكية حية، ومتى يعطي لمحيطه وماذا يعطي.

*أكاديمي خبير بعلم الفوضى في الانظمة الاجتماعية