نشوة النجاح وكيفية المحافظة عليها؟

اسرة ومجتمع 2024/02/11
...

  بغداد: سرور العلي

يشكل النجاح الجزء الأكبر في الوصول لذروة السعادة، لا سيما لأولئك الذين يسعون دوماً لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم، ويكافحون في سبيل الوصول إلى نشوته، لكن كيف سنحافظ على هذا النجاح، وسبل الوصول إليه ودور الأسرة والمجتمع بتحقيقه؟

  تشير زينب علي (طالبة في مرحلة الثانوية)، إلى أنها “تحرص على الدراسة بشكل مضاعف، والنوم بشكل كاف، لتنشيط الدماغ وتقوية الذاكرة، واسترجاع المعلومات بسرعة، والاستيقاظ باكرا وتنظيم الوقت، والابتعاد عن العشوائية، ووضع جدول للمواد التعليمية، والحد من شرب المنبهات، كونها تسبب الأرق، كما من الضروري الإكثار من تناول الغذاء الجيد والصحي، للتركيز والانتباه، وبذلك تحقق النجاح في كل عام دراسي.
في حين لفت الطالب الجامعي حسن أحمد إلى أن “لديه طموحا وأهدافا يسعى لتحقيقها، والوفاء ولو بجزء بسيط من جهد وتربية أسرته التي تشجعه باستمرار، وتوفر له كل ما يحتاجه، وتحقيق حلم والدته بأن يصبح طبيباً لتفخر به أمام الآخرين.
وأكد الموظف محمد سعد إلى أنه نال منصباً أعلى في وظيفته وتفوق بين زملائه، كونه يحرص على الإنتاجية، والمواظبة على الدوام، والالتزام بمسؤولياته، من دون كسل وتغيب، ما دفع برئيسه أن يجعله مديراً لأحد الأقسام في الشركة، ونصح الموظفين الآخرين أن يتحملوا المسؤولية المكلفين بها، وزيادة الإنتاجية، ووضع الأهداف والخطط لتحقيق النجاح.  

مفهوم النجاح
للنجاح مفهوم واسع ونسبي، وهو مقصد فطري يسعى إلى بلوغه جميع الناس، وبخاصة الطموحين والمتفوقين منهم، ويكون عكسه الفشل اي عدم مقدرة الفرد على تحقيق ما يصبو إليه من طموح وأهداف شخصية وغير شخصية، إذ أوضح التربوي أياد مهدي عباس أن لكل منهما اسبابا ومقدمات، فالنجاح مقدماته التخطيط، والمثابرة، والصبر، والسعي، بينما مقدمات الفشل اللامبالاة، والكسل، وغياب الهدف، وهدر الوقت في أشياء غير مهمة، واثبتت التجارب الإنسانية ان من الضروري ان يمر الانسان في بداية حياته بمرحلة فشل أو إخفاق، لأنها ستكون في ما بعد دافعاً له في تحقيق نجاحات متلاحقة، ويصبح هذا الفشل قاعدة صلبة ينطلق منها في بناء حياة ناجحة، يستطيع أن يحقق فيها إنجازات علمية كبيرة تخدم الانسانية جمعاء، فكثير من المخترعين والعلماء والعباقرة في العالم، كانت المراحل الأولى من حياتهم يتخللها الفشل والاخفاق، لا سيما في حياتهم الدراسية، كما حصل مع العبقري والمخترع توماس اديسون، الذي طُرد من المدرسة، بسبب شروده الذهني في الصف، وعدم تفاعله مع المعلم، إلا أن دور والدته التربوي كان له الأثر البارز في حياته، إذ تمكنت من خلال فطنتها وموهبتها من تحويله من شخص فاشل دراسياً ومحبط نفسياً إلى عبقري ومخترع، استطاع أن يغير وجه التاريخ والبشرية، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على دور الاسرة الكبير في صنع النجاح والتميز للفرد والمجتمع، وباستطاعة الأسرة الناجحة التي ينشأ فيها الفرد، ويتربى في كنفها قادرة على صنع النجاح والتفوق لأبنائها، وتحويلهم إلى أشخاص قادرين على صنع المعجزات.
مضيفاً أن “النجاح يعزز ثقة الفرد بنفسه، ويكون دافعاً له، للمضي قدما في تحقيق المزيد من التفوق والإنجازات، سواء كانت على الصعيد الشخصي أو المهني.

أهداف
الدتور عماد رسن، اخصائي علم الاجتماع أشار إلى أن النجاح هو الوصول إلى الهدف الذي حدده الفرد لنفسه، كالنجاح في دراسة أو الحصول على عمل، هذا هو ربما التعريف الموضوعي للنجاح بعيدا عن الاحساس الذاتي، لكن تحقيق النجاح لا يعني بأن الإنسان ناجح، وهي الصفة التي ترافق المحظوظين في مجتمعنا، أو من يعتقدون بأنهم ناجحون، بينما يراهم المجتمع فاشلين، والعكس هو الصحيح، وفي رأيي لا يوجد إنسان ناجح أو فاشل، بل يوجد إنسان ناجح حتى الآن وفاشل حتى الآن، لأن النجاح والفشل ظاهرتان مرحليتان لا تستمران ولا تتحققان دائما، لأن كلتيهما تعتمدان على عوامل عديدة، وليس فقط على الإنسان وحده.

عوامل النجاح
وتابع رسن حديثه:
|النجاح، بتعريفه الموضوعي، يعتمد على عوامل كثيرة، يمكن اختزالها بثلاثة تتفاعل مع بعضها، لتوصل الفرد لنقطة الانجاز والتي تسمى نجاحاً، العامل الأول هو الحافز، والرغبة، والإرادة، للوصول إلى الهدف والفعل أيضا، من خلال السعي للوصول إلى الهدف، والعامل الثاني هو دور المؤسسات في خلق الحافز والرغبة لدى الفرد، وتوفير المستلزمات وتدريبه على المهارات المطلوبة لتحقيق ذلك الهدف، والمؤسسات كالعائلة والمدرسة ومراكز التدريب، وباقي مؤسسات الدولة أو منظمات المجتمع المدني، لأن لها دورا كبيرا في مساعدة الفرد، لتمكين نفسه لينتقل من خطوة الرغبة نحو الفعل، أما العامل الثالث فهي العوامل البنيوية، كالثقافة السائدة التي تعيق أو تسهل السعي للوصول إلى الهدف، والعوامل السياسية كالاستقرار الأمني، وخلق اجواء اجتماعية تسهل عملية النجاح، والعوامل الاقتصادية، التي تخلق فرص عمل، والتي بدورها تحفز الفرد، وتعطيه فرصه أكبر للنجاح.