بغداد: حيدر فليح الربيعي
حدَّد مختصون في الشأن الاقتصادي عدداً من العوامل التي من شأنها السيطرة على سعر صرف الدولار الموازي، مؤكدين أنَّ منح القطاع الصناعي الخاص التسهيلات الماليَّة والإداريَّة يمكن أن يؤدي إلى تحريك عجلة الإنتاج وتقليل الواردات التي يتم تمويلها بالدولار الموازي من السوق السوداء، مشددين على أهمية مضاعفة القروض التي من شأنها تأسيس قاعدة إنتاجية قادرة على تلبية متطلبات السوق المحلية من السلع والمواد.
وتزايدت بشكل لافت الدعوات الاقتصادية التي تطالب بتوجيه القروض والتسهيلات الائتمانية التي تمنحها المصارف للقطاع الخاص، صوب تفعيل وزيادة عمليات الإنتاج، مبينين أنَّ تلك التسهيلات تجاوزت 50 تريليون دينار في العام الماضي 2023، غير أنها لم تسهم في زيادة معدلات الناتج المحلي الإجمالي، مشددين في الوقت نفسه على أهمية بناء مزيد من جسور الثقة بين المستثمرين ورجال الأعمال والشركات مع المصارف الحكومية والخاصة بهدف تسهيل منح القروض الموجهة صوب زيادة الإنتاج المحلي.
وتأتي دعوات المختصين في وقت كثفت خلاله الحكومة تحركاتها الهادفة للقضاء على ارتفاع أسعار الصرف في السوق الموازية، والتي أثرت بشكل كبير في حركة بيع وشراء السلع والمواد في الأسواق المحلية، فعقب حزمة القرارات التي أسهمت بردم الفجوة التي حصلت في وقت سابق بين الدولار الرسمي والموازي، كشف مصدر حكومي في وقت سابق، عن إصدار بطاقات إلكترونية لصغار التجار وبسقف يبلغ 100 ألف دولار شهرياً.
وقوبلت الخطوة الحكومية الجديدة بترحيب اقتصادي أكد أهمية ذلك الإجراء في القضاء على ارتفاع أسعار الصرف الموازي بشكل كبير، والحد من قفزات العملة الخضراء، فضلاً عن أهميته في تغطية أسعار السلع المستوردة بسعر الدولار الرسمي، وبالتالي حصول استقرار كبير في الأسواق المحلية.
الخبير الاقتصادي مناف الصائغ يرى خلال حديثه لـ”الصباح” أنَّ “جزءاً كبيراً من الحل يكمن في تأسيس قاعدة إنتاجية كبيرة قادرة على تلبية متطلبات الأسواق المحلية وقطع الطريق أمام عمليات الاستيراد التي تتطلب أموالاً طائلة من الدولار”، مشيراً إلى ضرورة “وضع خطة ستراتيجية تبدأ على شكل مراحل تتضمن النهوض النوعي الكبير للقطاعين الصناعي والزراعي، اللذين يشكلان العمود الفقري للاقتصاد الوطني».
كما حث الصائغ على “أهمية أن تتضمن الستراتيجية خطوات حقيقية لإصلاح النظام المصرفي والمالي في البلاد، وتكييفه بالشكل الذي يمكن أن يوازي ما بلغته الدول المتقدمة في التعاملات المصرفية، فضلاً عن التوجه صوب إجراء إصلاحات تتعلق بالميزان التجاري، الذي بمقدوره أن يفعل حركة الإنتاج المحلي والصادرات الوطنية، وبالتالي التقليل بشكل كبير من طلب الدولار الموازي، مشيراً إلى أنَّ إحداث عملية توازن بين الصادرات والواردات، خطوة مهمة لإنعاش الاقتصاد الوطني وتمكينه من تحقيق نمو في جميع قطاعاته وبالتالي تنويع المصادر وتقليل الاعتماد بشكل كبير على القطاع النفطي».
بدروه، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي في حديث لـ” الصباح” أنَّ تراجع مؤشر الدولار أمام الدينار العراقي، في طريقه إلى الانخفاض، لافتاً إلى جدية السلطة النقدية في تنويع احتياطات العملات النقدية، فضلاً عن توسيع دائرة الدفوعات من العملات الأخرى، ناهيك عن تبسيط وإيجاز الدخول إلى المنصة الإلكترونية.
وشدّد المرسومي على أهمية حلحلة المشكلات المتعلقة بالتجارة مع البلدان المجاورة، بإيجاد سبل أخرى للتجارة مع تلك البلدان من أجل إيجاد سعر متقارب بين الدولار الرسمي والموازي.
وكان محافظ البنك المركزي قد أكد في حديث لوكالة الأنباء العراقية “واع” أنَّ “مؤشر نجاح السياسة النقدية بأيّ بلد من البلدان هو السيطرة على المستوى العام للأسعار والحد من التضخم”، موضحاً أنَّ “التضخم انخفض الآن بشكل كبير مقارنة مع بداية عام 2023، مما يدلل على أنَّ التجارة الخارجية تغطى بالسعر الرسمي وأنَّ عمليات التمويل الخارجية تجري بانسيابية، ويستطيع كل المستوردين والتجار الحصول على الدولار بالسعر الرسمي والسيطرة عليه».
وأشار العلاق إلى أنَّ “اتباع البنك المركزي قواعد وأصول التحويل الخارجي وفق الشروط والمتطلبات التي وضعها وإصراره على تنفيذها دفع الكثير من التجار المترددين للدخول إلى منصة بيع العملة الأجنبية خاصة أنَّ استخدامها سهل وآمن ويتيح لهم الدولار بالسعر الرسمي».
ولفت العلاق إلى أنَّ “البنك المركزي يؤكد إمكانية تلبية جميع الطلبات على الدولار سواء كانت شخصية أو تجارية أو أي نوع من الأنواع ما دامت صحيحة ومشروعة».