أحمد مانع: الوعي من حقائق الوجود المطلقة

ثقافة 2024/02/13
...

  الناصرية: نجلاء الخالدي

العلاقة بين الدين والفلسفة كانت محور الكتاب الذي صدر للباحث والشاعر أحمد مانع عن  دار الورشة الثقافيّة للطباعة والنشر، تحت عنوان “الله بين الأديان والفلسفة والعلم”. وتحدث مانع عن أهمية هذه السلسلة من الكتب التي تناقش هذه العلاقة بعيدا عن تأثيرات انتماءات الكاتب الدينية والاجتماعية.

*  برأيك. ما أهمية هذا الكتاب؟
- الكتاب يربط بين النظريات العلميّة والأديان والفلسفة، أي أنه يسلط الضوء على نقطة التقاطع بينهما فيما يتعلق بحقائق الوجود، لقد تطرق إلى الإنسان والكون وبيان ما هي حقيقة الكون وكيف يتصرف؟ وما هو تأثير الوعي  الإنساني بصور الواقع؟ وكيف أن الوعي حقيقة من حقائق الوجود المطلقة.

* وجدت أن الكتاب يشير إلى نصوص قرآنية، ويحاول أن يجد لها تفسيرا مختلفا عما طرح في كتب أخرى تطرقت إلى الاعجاز القرآني؟
 هو محاولة للتوفيق بين المفاهيم الدينية والفلسفية والعلم، فقد تناولت التصوف بكونه جزءا مهما من الفلسفة، إذ تنقسم إلى فلسفة مشائية وفلسفة عرفانية، وهناك حقائق تحدث عنها الصوفيون منذ مئات السنين أثبتت صحتها النظريات العلمية الحديثة، حقائق ترتبط بطبيعة الوجود والكينونة.

* للقران إعجازٌ معرفي كما له إعجازٌ لغوي، كيف وظفت ذلك في الكتاب؟
 - تطرقت لكل ألوان الأعجاز في القرآن الكريم على مستوى البنية اللغويّة والبنية الإعجازيّة سواء كانت عددية أو علمية أو نسقية تتمثل بوحدة الموضوعات في السور، فللقرآن الكريم إعجاز ظاهريّ يتمثل بالبنية الفريدة في رصف الحروف والكلمات والجمل والآيات بحيث تعمل كفرقة موسيقية، فحرف ينقر وحرف يصفر وحرف يهمس وحرف يجهر وحرف ينزلق عليه النفس. بحيث عندما يرتل القرآن تكون هناك موسيقى فريدة لا تناكر فيها ولا تنافر، تمثل منعة طبيعية للقرآن تستعصي على قدرات البشر.

* هل وجدت من خلال بحثك، إن الصوفية تتعارض مع بعض ما جاء في النصوص القرآنية؟
- بالعكس تماما فالمعارف الصوفية تتطابق مع القرآن الكريم والنظريات العلمية، وهذا ما برهنت عليه في كتابي من خلال موضوع اسميته الفيزياء الصوفية، حيث كان هناك تطابق مع نظريات الميكانيكا، وما تحدث عنه الصوفية وآيات القرآن الكريم.

* لكن للتصوف علومه واجتهاداته التي تختلف عن تفسيرات علماء الدين والدارسين والباحثين في تفسيرات النصوص القرآنية؟
- لا يوجد خلاف جوهري في تفسيرات علوم الدين، فقط الصوفية يتعمقون بتحليل المعاني القرآنية بما ينسجم مع الحقائق التي يدركونها بالوجدان والعقل .

* بمن تأثرت من علماء التصوف؟ وكيف آثر ذلك على مشروعك في الكتابة والتأليف؟
- إن من أهم المتصوفة أو العرفاء هو محيي الدين بن العربي، فهو من وضع قواعد العرفان النظري وكل المتصوفة ساروا على تلك القواعد من بعده فمن المتصوفة المهمين عندي هم ابن عربي وصدر المتألهين الشيرازي فهم فلاسفة ومتصوفة، أما صدر المتألهين الشيرازي فقد قدم للمعارف الفلسفية والعرفانية الكثير وحل كثيرا من المسائل التي عجز عنها الفلاسفة على مدار التاريخ مثل أصالة الوجود والحدث العالم وقدمه ، وهو أول من اعتبر أن الزمان يمثل بعدا رابعا قبل إلبرت أينشتاين.

* خضت الغوص في الكتابة عن مواضيع معقدة عن الدين والفلسفة ربما غيرك من الكتاب يبتعد عنها ما الدافع وراء ذلك؟
 - العلم والدين والفلسفة جميعها تلتقي في نقطة واحدة وهي محاولة فهم الحقيقة، على الرغم من أن لكل منهما أسلوبه في تناول الحقيقة والبرهنة عليها، فالدين يحاول أن يعطي تفسيرا للطبيعة والوجود والكينونة، كذلك الفلسفة حاولت أن تعطي تفسيرا عقليا يعتمد على المنطق العقلي في تناول تلك المفاهيم، بينما للعلم حقله الخاص الذي يعتمد على التجربة والبحث.
يذكر أن الكاتب والشاعر أحمد مانع من مواليد محافظة ذي قار، وعلى الرغم من دراسته لهندسة النفط إلا أنه كان شغوفا بالأدب منذ سنوات عمره المبكرة، نشر مانع مقالته الأدبية في عدد كبير من الصحف المحليّة والعربيّة كما أنه رئيس منتدى الرفاعي الثقافي وعضو مؤسس لمنتدى سومر الأدبي والأدباء والكتاب في العراق.حصد المانع الجائزة الأولى في مجال الشعر العمودي بعد فوزه بالمسابقة التي أقامتها المؤسسة العربية الدولية للآداب والفنون، وأصدر العديد من الكتب القيمة التي لاقت صدى كبيرا بين الوسط الأدبي من بينها ديوان “وريث الماء وكتابه” الميثولوجيا ورحلة العقل نحو اللاهوت”.