وجدان عبدالعزيز
وضع أمامنا الدكتور عمران الخياط كتاباً في الأدب الياباني اسماه (الأدب الياباني في القرن العشرين)، وكان يمثل جهدا يستحق التقدير، واكتسب الكتاب أهميته، كون الترجمات عن الأدب الياباني إلى اللغة العربية قليلة وشحيحة، (لذا تبرز أهمية الكتاب بوجه خاص كونه تطرق للدور الياباني وخصوصا في القرن العشرين، ومدى تأثره بالأدب الغربي وتأثيره بالمقابل على ذلك الأدب، كما يتطرق الكتاب لمشاهير الأدب الياباني في الشعر والرواية والقصة والنقد الأدبي في القرن العشرين)، وقد جاء الكتاب في خمسة فصول، الفصل الاول تناول المترجم مراحل تاريخ الأدب الياباني، كالتالي: مرحلة (يامتو ونارا) وتبدأ في القرن الرابع الميلادي وبدايتها انتقال العاصمة إلى هيآن مدينة كيتو الحالية، حيث تحول الأدب فيها من الأدب الشفوي إلى الأدب المدون، ومن ابرز الأعمال الأدبية فيها كتاب (الكوجيكي) وغيره، ثم مرحلة (هيآن) حيث تأثر الأدب الياباني بالأدب الصيني، ورغم هذا ظهر فيها إنتاج أدبي ياباني خالص، وظهرت الابجدية اليابانية (الكانا) الجديدة، وهي الفترة التي ظهرت فيها كتابات نسوية، ثم ظهور مرحلة (كاماكورا)، حيث (بدأت الميول تتجه نحو قصص الحب التأريخية التي حل فيها محارب الساموراي، محل رجل البلاط الامبراطوري وبلاطه المتمثل في دور البطل، وأضفى تناقص سلطة الامبراطور وبلاطه والدمار، الذي خلفته الحروب المريرة نغمة خزينة تشاؤمية عن مصير الجنس البشري، والتي اتت من الفكر البوذي...)، ثم تأتي مرحلة: (أدب عصر موروشي)، وكانت هذه الحقبة تصور الصراع العسكري بين امبراطور الشمال والجنوب واسقاط حكومة "كاماكورا" وتأسيس حكومة عسكرية، وايضا صورت هذه المرحلة حياة رجال الساموراي، ثم مرحلة: (أدب عصر إيدو)، وجرت فيها الكثير من الاحداث، ورغم استقرار الحياة فيها كان هناك تفاوت طبقي شديد ازدهرت الكلاسيكيات اليابانية، كانت اشعار الهايكو بعد هذا تأتي مرحلة: (أدب اليابان الحديث)، حيث خرجت اليابان من عزلة دامت 250 عاما، فكان (الانقلاب الجذري في الميدان العلمي والتكنولوجيا وتقليد الغرب في الطرائق النظرية والتطبيقية، تحقق ايضا في ميدان الادب)، (ودخلت التيارات الادبية الجديدة، والافكار الغربية
التي لاعهد لها من قبل)، وبدأ الأدب الياباني بالنمو والظهور وتعددت المحاولات في الشعر والسرد والنقد الأدبي، وهكذا ... ثم يأتي الفصل الثاني الذي خصصه المترجم للشعر، فتناول الشعر وابرز الشعراء الذين برزوا في هذه الحقبة الزمنية، حيث اخذ الشعراء من الطبيعة موضوعاتهم، و(لقد اجاد تسورايوكي: التعبير عن الموضوع الذي لم يفتأ الشعر الياباني يتناوله وهو ماتبديه الطبيعة من أوجه وحالات، من ازدهار وذبول الطبيعة في تلك الجزر التي جعلتها البراكين مشهدا للروائع، وجعلها المطر الغزير دائمة الإيناع)، حيث جاءت نصوص 1900ـ 1910 الشعراء (ميازاوا، كانجي، هاكيوارا، .. لتشهد على ولادة تقنية جديدة في الكتابة الشعرية اساسها اللغة المحكية) بعد ذلك وضع المترجم الدكتور الخياط اسماء شعرية مهمة مثلت مراحل التطور في الشعر الياباني امثال (كيوشي تاكاهاما، سانتوكا تانيدا، أوجيوارا توكيتشي، ساكوتارو هاجيوارا، شينكيتشي تاكاهاشي، كاكيو توميزاوا، ناكاهارا تشويا، ناناو ساكاكي، اكيكو بابا، ماكوتو أووكا)، فهولاء الشعراء مثلوا مراحل تطور الشعر الياباني وصولا لهذا القرن الحالي..
ثم الفصل الثالث (الرواية في اليابان وأشهر روادها في القرن العشرين) ورأى المترجم (أن الرواية اليابانية تتمتع بخصائص تميزها عن الرواية العالمية، فهي مكتوبة باللغة اليابانية المعبرة عن تجربة انسانية لمجموعة من البشر في شروط خاصة)، ومن اشهر روادها في القرن العشرين: (موري أوغاي، ناتسومه سوسكي، كودا روهان، توسون شيمازاكي، كونيشيرو تانيازاكي، ياسوناري كواباتا، مياموتو يوريكو، فوميكو هاياشي، يوكيو ميشيما، تيتسيو مييورا، كنزابورواوي، تاكو ميكي، هاروكي موراكي، كازوو ايشيغورو، كيغو هيغاشينو، ميوكي ميابي، يوكو أوغارا، كيوشي شيغيماتسو، بنانا يوشيموتو)، وترجمت البعض من الروايات اليابانية للغة العربية، والتي امتازت بدقتها التصويرية، اذ وقف الرواة اليابانيون على مسافة واحدة من المحكي والشفهي، كما عبر هذا المترجم في سياق حديثه عن الرواية اليابانية..
اما الفصل الرابع فكان يتحدث عن القصة، التي كانت تمتاز بالإيحاءات الفكرية والثقافية والميثولوجية، كون الأدب الياباني ينشغل بالماضي المثقل بالبحث عن الطهارة بمواجهة العالم الجديد بعد الحرب العالمية الثانية تسوده النزعات الإنسانية الشرسة في القتل والتدمير واحتقار الإنسان وتهشيم القيم، لذا كان ميل القصة نحو الغرائبية المختلفة عن مثيلاتها في العالم، ومن اشهر روادها في القرن العشرين حسب المترجم الدكتور الخياط هم (ريونوسوكي اكوتاغوا، أوسامو دازاي، تشيرو اكاجاوا، هيرومي كاوامي)...
وجاء الفصل الخامس والاخير متحدثا عن النقد الياباني في القرن العشرين وكما عبر المترجم بان النقد لم يستوعب كل النتاج الادبي الياباني بهذه الفترة، كون النتاج غزيرا، لكنه رغم هذا تطور كثيرا ودلَّ على الكثير من النتاج الأدبي الياباني، ومن اشهر رواده في القرن العشرين هم: (هيديو كوباياشي، ميتسو ناكامورا، هايكازو يوشيدا، تاكاكي يوشيموتو، كاوامورا ميناتو، يوشي كوموري)، وترجم لكل واحد اسماء نتاجاته في النقد، وكما فعل في الشعر والرواية والقصة، فكان كتاب (الادب الياباني في القرن العشرين) رحلة مع الادب الياباني، واضافة مهمة للمكتبة العربية والعراقية.