مشـروعٌ مستـقبليٌّ لتحطيم الـذرات

علوم وتكنلوجيا 2024/02/13
...

 جنيف: بي بي سي

قدم الباحثون في أكبر مشروعٍ للجسيمات في العالم في سويسرا، مقترحاتٍ لإنشاء مصادم جسيمات خارقٍ جديد، يكون أكبر بكثير من الموجود حالياً. ويهدف المصادم الجديد إلى اكتشاف جسيماتٍ جديدة من شأنها أنْ تحدث ثورة في علم الفيزياء، وتقود العلماء إلى فهم أكثر اكتمالاً لكيفيَّة عمل الكون. لكن تكلفة إنشاء المصادم الجديد والتي تبلغ 12 مليار جنيه استرليني، أثارت بعض الدهشة، إذ وصف أحد النقاد الإنفاق على المشروع بأنه "متهور".
وستأتي هذه الأموال، التي تمثل فقط تكلفة البناء الأوليَّة، من الدول الأعضاء في المنظمة الأوروبيَّة للأبحاث النوويَّة (سيرن) والتي تضم بريطانيا أيضاً، وسيكون اسم الآلة الجديدة المصادم الدائري المستقبلي (FCC). ووصفتها المديرة العامة لسيرن، البروفيسور فابيولا جيانوتي، بأنها حال الموافقة عليها، ستكون "آلة جميلة".
وقالت فابيولا: "إنها أداة ستسمح للبشريَّة باتخاذ خطوات هائلة للأمام في الإجابة على أسئلة في الفيزياء الأساسيَّة حول معرفتنا بالكون. وللقيام بذلك، نحتاج إلى أداة أكثر قوة لمعالجة هذه الأسئلة".
يتكون مصادم الهادرونات الكبير من نفق دائري تحت الأرض يبلغ محيطه 27 كيلومتراً. ويقوم بتسريع الجزء الداخلي من الذرات (الهادرونات) في اتجاه عقارب الساعة وعكس اتجاه عقارب الساعة لتصل إلى سرعات قريبة من سرعة الضوء، وعند الوصول لنقاط معينة يعمل الجهاز على تصادم هذه الهادرونات معاً لتحطيم الذرات، بشكل أقوى من أي جهاز آخر في العالم. وينتج عن هذه التصادمات جسيمات دون ذريَّة أصغر حجماً، وتساعد العلماء على معرفة مكونات الذرات وكيفيَّة تفاعلها مع بعضها البعض.
يتمثل الاقتراح الحالي ببناء المصادم الدائري المستقبلي الأكبر على مرحلتين، المرحلة الأولى ستبدأ في منتصف أربعينيات القرن الحالي 2040، وسيقوم بتصادم الإلكترونات معا. ومن المأمول أن تساعد الطاقة المتزايدة في إنتاج أعداد كبيرة من جسيمات هيغز ليقوم العلماء بدراستها
بالتفصيل. وستبدأ المرحلة الثانية في سبعينيات القرن الحالي 2070، وستتطلب مغناطيسات أكثر قوة، ومتقدمة جداً، والتي لم يتم اختراعها بعد. وبدلاً من الإلكترونات، سيتم استخدام البروتونات الأثقل في التصادم بحثاً عن جسيمات
جديدة.
سيكون حجم المصادم الدائري المستقبلي تقريبا ثلاثة أضعاف محيط مصادم الهادرونات الكبير، أي سيصل طوله إلى 91 كيلومترا وسيكون عمقه أكبر مرتين. ذلك لأن مصادم الهادرونات الكبير لم يتمكن بعد من العثور على جسيمات من شأنها أن تساعد في تفسير 95 في المئة من الكون. تقول البروفيسور فابيولا إن هناك حاجة إلى المصادم الدائري المستقبلي لأن اكتشاف هذه الجسيمات المظلمة سيؤدي إلى نظريَّة جديدة أكثر اكتمالاً لكيفيَّة عمل الكون.