لو نظرنا إلى وضع إفراد بعض المجتمعات,لاسيما الشباب منهم واليافعين بل وحتى بعض كبار السن,ولو بنظرة عامة لوجدنا إن هناك الكثير من معوقات المسيرة الطبيعية في مجال العلاقات والأعراف الإنسانية التي تنشأ بينهم من أساليب تربوية غير سوية, واختلافات سلوكية ماثلة ومؤثرة,فسنرى القائمين عليها يواجهون مصاعب جمة وأزمة حقيقية في معالجة كثير من المخاطر التي تتعرض لها المنظومة الأخلاقية لهؤلاء الأفراد,فالانحرافات واختلال موازين الروابط بين بعض الأشخاص هي أمور موجودة في أمم عديدة
,غير إن ما يهم في هذا المجال هو ما يجري في مجتمعنا العراقي من بعض الأمراض الاجتماعية والمشاكل التي تعترض العلاقات بين الناس إلى درجة أصبح فيها البعض لا يفرق بين الصالح والطالح.
ويظن إن سلامة المجتمع في مأمن من آثار الكثير من العادات السيئة التي أخذت تطفوا على السطح بشكل متسارع,لاسيما تلك التي تدخل بعض المنافذ الإعلامية مجال الترويج لها,ما جعل الكثير من أصوات النداءات ترتفع ومساحة المطالبات تتوسع للوقوف عليها والحد منها,وخير مثال على ذلك استياء كلا من وزارة الثقافة ولجنة الثقافة والإعلام النيابية عما تعرضه بعض القنوات الفضائية المحلية من برامج فاضحة وأعمال درامية هابطة ومشاهد تظهر فيها حالات التحلل الخلقي والتفكك الأسري خلال شهر رمضان الذي يتميز بقدسية إلهية ونفحات إيمانية تميزه عن باقي أشهر السنة,وبأهمية التمسك بالقيم المتوارثة بين جميع أفراد المجتمع
العراقي.
إن ما أشارت إليه الوزارة واللجنة النيابية بهذا الخصوص يأتي من إيمانهما بما يمكن أن تؤديه وسائل الإعلام كجهات فاعلة ومؤثرة يمكن أن تسهم في قولبة أفكار الكثير من أفراد المجتمع بمفاهيم سلبية وعادات غير سليمة,وأفعال دخيلة على مجتمعنا,لاسيما الأطفال منهم والشباب كما تشكل خطرا على سلوكيات بعض أفراد الجيل
القادم.
تلك المسألة يجب ألا تقتصر على الاستياء والرفض من قبل المؤسسة الحكومية واللجنة المختصة في مجلس النواب,بل يجب أن تكون على مستوى جميع فئات المجتمع ومن خلال وقفة وطنية تسهم فيها جهات وإطراف أخرى مثل الأسرة باعتبارها البيئة الأولى التي ينشأ بها الفرد ويتعلم منها آداب السلوك والتعامل السليم مع الآخرين,حيث يتأثر الفرد في معظم مراحل حياته الأولى بوالديه في البيت أكثر من أي مكان آخر
, فيكون للتوجيهات الأسرية السليمة والتدخل المباشر في مسألة اختيار الأصدقاء الملتزمين لأبنائهم والابتعاد عن اقرأنهم المخالفين اثر بالغ في تحصين شخصية الفرد من الانحرافات والوقوع في المحظور,وكذلك للمعلم والمدرسة دور واضح في تعليم التلاميذ والطلبة في كافة المراحل الدراسية ما يضر وما ينفع من عادات وسلوكيات
,ومن خلال أساليب وبرامج تعليمية ونصوص دراسية,مختلفة,فالكتب وما تتضمنه من مناهج رصينة يمكن أن تكون وسيلة لإحياء المفاهيم المجتمعية السليمة من جهة, وتكون أفضل وسائل التحذير من الوقوع في المهالك والأخطاء الشخصية التي تذهب بصاحبها ليكون احدي ضحايا الانحراف عن جادة التصرف السليم,من جهة ثانية
,ويأتي دور منظمات المجتمع المدني كالمؤسسات الثقافية ورجال الدين ودور العبادة والروابط العشائرية,مكملا لخطط الحماية المجتمعية,حيث يمكن أن تقدم نموذجا سليما لبرامج تربوية لإصلاح المجتمع وتحريره من المفاهيم الخاطئة والنماذج الفاسدة
,وأساليب الإغواء وتجميل صور الخداع والمناظر المخالفة للأخلاق الحميدة المتعارف عليها والتي توارثها العراقيون عبر الأجيال,أما دور وسائل الإعلام الوطنية كالصحف والمجلات والإذاعة والتلفاز فهو رئيسي وأساس في تلك المسألة من خلال إظهار صور الرحمة والعطف بين أفراد المجتمع كافة والصعود بالعلاقات الإنسانية إلى أعلى درجات مشاعر الألفة المتبادلة بينهم
,كما يمكن أن نجد في منتديات الأدب والشعر والمسرح مساحة واسعة في التأثير البناء لسلوك الشخص وتسير به نحو التصرف بحسن النوايا والتمسك بقيم الفضيلة والمثابرة نحو أفضل الخلق والإحساس الأمثل بالمسؤولية لكل فرد تجاه بقية أفراد
مجتمعه.