حبُّ الاستطلاع لدى الصغار يُزْعِجُ الآباء

اسرة ومجتمع 2024/02/25
...

  بغداد : غيداء البياتي

بعد أن كانت تشتكي لزميلاتها وأهلها كثرة طرح الأسئلة عليها وعلى والدهم، تفاجأت مروة العامري 34 عاماً بانشغال طفليها التوأم «4» أعوام بما يسمى «الاي باد» فهي تقول: «على حين غفلة توقفا عن الأسئلة الكثيرة وفضول الاطلاع على الأشياء من حولهم، بعدها اكتشفت أنهما يبحثان عن الاجابة لكل أسئلتهم في موقع «يوتيوب» من خلال خاصية الصوت فهم يسألون الجهاز فيجيبهم بفديو خاص عن كل ما يريدون».
العامري شعرت بخطورة توجه الأطفال بفضولهم وحبهم للاطلاع إلى الاجهزة الذكية وهذه البرامج التي تجيبهم بما ترغب هي وليس بما يرغب به الأهل، فقد أكدت بالقول: «فوراً منعت أولادي من توجيه أسئلتهم لتلك الاجهزة الذكية ـ الغبية في آن واحد، كونها تحاول عبثا تدمير عقول الصغار وتطمس ثقافة تناقل العادات والتقاليد المتمثلة بالتربية الصحيحة واحترام الوالدين والارشاد التربوي المطلوب من الأسرة، لتجعلهم ينقادون إلى المجتمعات الغربية بعاداتهم وتقاليدهم».

تفاصيل لا يفهمها الصغار
أما مشكلة الأربعينية أمل القيسي فهي تضطر للاجابة عن أسئلة ابنتها الصغيرة التي تستفسر عن كل شيء من حولها، فهي ترى بذلك مشكلة لأن صغيرتها حسب قولها تسأل أحيانا عن أشياء لا يفهمها سوى الكبار مما يضطرها للاجابة بتلكؤ أو قد تحمل إجابتها بعض الأكاذيب كونها تحرج من صغيرتها التي وصفتها بـالمزعجة على حد قولها، وتضيف: «لا أحب هذا النوع من التنقيب فابنتي تسأل أحياناً عما يدور في فلك مقطع من مسلسل تركي مثلاً ليس فيه ما يشبه عاداتنا وتقاليدنا كوجود ابن غير شرعي يظهر أو قبلة رجل لامرأة وكيفية ولادة طفل ومن أين يأتي، هذه تفاصيل لايفهمها فقط الكبار لذلك في كل مرة اضطر أن أجيب بتزويق الكلام أو قد أكذب أحيانا، مع كوني أعلم أنَّ ذلك خطأ لكن ما باليد حيلة».
أمل قالت: «إن جيل الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وموقع «اليوتيوب» على وجه الخصوص والبحث عن طريق الكلام وليس الكتابة فقط، فضلا عن تغاضي الوالدين عن الاجابة بعض الاحيان لانشغالهما بأمر تدبير المعيشة والحياة جعلت الصغار ينبشون عن الاجابات من خلال هذا الموقع، موضحة أن ابنتها في الآونة الأخيرة لجأت إلى اليوتيوب والتيك توك لفهم الأشياء من حولها بعد أن شعرت بغموض الاجابة مني، وتوبيخها أحياناً على كثرة أسئلتها عن أشياء غريبة وكذلك لانشغالي اغلب الوقت بالاعمال المنزلية، هذا الشيء يزعجني كثيرا ولا أعرف ما بوسعي أن أعمل».

نصيحة تربويَّة
المعلمة المتقاعدة من مدرسة مهج بغداد الابتدائية نادية السامرائي أكدت على: «ضرورة تعاون المدرسة مع الأهل وذلك من خلال إعطاء أنشطة تزيد من فضول الطفل وتنمي خياله وتجعله يتقصى دائماً عن حقائق الاشياء، وتنصح الاهل بعدم جعل الصغار جالسين لساعات على الاجهزة اللوحيَّة لان الخيال عبارة عن عضلة واذا لم تتم ممارسة التمارين الخاصة بها ستعاني من الضمور».

رأي متخصص
ويرى الاستشاري في الطب النفسي والعصبي للأطفال ورئيس جمعية الأطباء النفسانيين العراقية د. حيدر المالكي قال لـ «أسرة ومجتمع»: «أن طبيعة الطفل الفضوليَّة وحب الاطلاع ومعرفة كل شيء تجعله يسأل عن أشياء ممكن أن تكون غريبة؛ لذا ننصح الاهل باستثمار ذلك لتعليم صغارهم ما يريدون من دون تذمر، لذلك يجب على الوالدين تخصيص الوقت الكاف للرد على أسئلة أطفالهم، ليضمنوا وصول المعلومة التي يريدها الاهل أن تصل إلى عقول صغارهم وليس من الانترنت».
المالكي بيَّنَ: «إنّه لا يمكن للأهل الصراخ بوجهه الصغير لمجرد كثرة تساؤله، بل عليهم تفهم رغبة الصغير بالتعلم وحق المعرفة بإيجابية حيث يمكن أن يشرحوا له بالتفصيل عن كل شيء يسأل عنه وليس الرد فقط، لأن الطفل أحيانا لا يقتنع بجواب معين ومن فضوله يبقى يبحث عن رد مقنع، فيجب على الاهل أن يكونوا بمستوى تفكيره بالاجابة عن تساؤلاته».
يستطرد المالكي: «إن الطفل الفضولي والذي يحاول دائماً يزيد من معرفته بطرح الكثير من الاسئلة هو شيء صحي جداً ومعناه أنه طفل ذكي فمن واجب الاهل شرح كل شيء له بشكل مبسط وقريب على عقله، حتى لو كان سؤاله محرجاً ممكن بذكائهم ايصال المعلومة له، لان ذلك يعزز من شخصيته ومن ثقته بنفسه، وعكس ذلك سيجعل الطفل يفقد الثقة بنفسه وبالآخرين، وبشكل عام أن الطب النفسي لا يشجع الاطفال من دون الست أعوام على متابعة الـ «يوتيوب» لما له من تأثيرات نفسية على انتباهه وتركيزه».