درجة الحرارة وشدة الضوء وعلاقتهما بجودة النوم

علوم وتكنلوجيا 2024/02/26
...

 كريستين روجرز

 ترجمة: بهاء سلمان


هل يسحبك الموسم البارد خلال النهار، وتشعر أنَّ مقدار النوم الذي تحصل عليه عادة في أجزاء أخرى من العام لا يبدو كافياً الآن؟

«إذا كنت تشعر بالرغبة في النوم أكثر في الشتاء، فأنت لست وحدك»، كما يقول الدكتور «راج داسغوبتا»، أستاذ الطب السريري في مستشفى هنتنغتون في باسادينا، كاليفورنيا، مستشهداً ببحثٍ توصّل إلى أنَّ ما لا يقل عن ثلث البالغين الأميركيين، قد أفادوا بأنّهم ينامون أكثر في الشتاء.

ويضيف داسغوبتا موضحاً «أنَّ احتياجات النوم بالنسبة لمعظم البالغين تتراوحُ ما بين سبع إلى تسع ساعات في الليلة، وهذا ثابتٌ بغض النظر عن مدى البرودة أو الظلام في الخارج. ومع ذلك، من الشائع أنْ تشعر وكأنّك تنامُ أكثر خلال فصل الشتاء بسبب حقيقة أننا نفقد ساعة من ضوء النهار عندما ندخل في التوقيت القياسي، وهو ما يرتبطُ ببداية الظلام مبكراً».

عند مقارنتها بالحيوانات، كان يعتقد أنَّ التأثيرات الموسميَّة على نوم الإنسان لا تكاد تذكر حتى وقتٍ قريب، عندما وجدت دراسة نشرت فيشهر شباط 2023 خلاف ذلك، فقد نام 188 مريضا خضعوا لدراسات النوم في مستشفى سانت هيدويغ في برلين بمقدار إضافي لحوالي ساعة أطول في الشتاء مما يناموه أثناء الصيف، وهو ما قال المؤلفون عنه إنه لم يكن ذا دلالة إحصائيَّة؛ بيد أنَّ المشاركين حصلوا على ثلاثين دقيقة إضافيَّة من نوم حركة العين السريعة خلال فصل الشتاء.

مرحلة حركة العين السريعة من النوم هي النقطة العذبة لدورات النوم، وتتميّز بمزيدٍ من الأحلام، ويكون معدل ضربات القلب والتنفّس أسرع من المراحل الأخرى. يقول داسغوبتا: «إنها مرحلة أساسيَّة من النوم تساعد في الذاكرة والتركيز وتنظيم المزاج ووظيفة المناعة». قد يكون للرغبة في الحصول على مزيدٍ من النوم أو حدوثه خلال فصل الشتاء علاقة بكيفيَّة تقلب الضّوء على مدار العام، أو بالتغيّرات السلوكية والصحة العقليَّة التي يمكن أنْ تنتج. إليك ما يعتقد الخبراء أنك يجب أنْ تعرفه عن العلم، وما إذا كان يجب عليك إجراء أي تعديلات.


كيف يؤثر الضوء في النوم

«تتلقى أجسادنا إشارات من الشمس عندما يتعلّق الأمر بإيقاع الساعة البيولوجيَّة لدينا، وهذا يعني أنه عندما يكون الجو مشرقاً في الخارج فإنَّنا نميلُ إلى النشاط، ولكن عندما تغرب الشمس، قد نميلُ إلى الشعور بالتعب. يعمل انخفاض ضوء الشمس على التسبب بزيادة في الميلاتونين، وهو هرمون يفرزه الجسم وينظم دورات النوم والاستيقاظ» يقول داسغوبتا.

وتقول «كارليرا فايس»، الأستاذ المساعد لدى مركز أبحاث التمريض بجامعة كاليفورنيا، إنه مع إنتاج الميلاتونين في وقتٍ مبكرٍ خلال فصل الشتاء، «سيكون من الطبيعي الافتراض أنَّ الشخص السليم سيحتاجُ أيضاً إلى مزيدٍ من النوم خلال فصل الشتاء».

ولا يؤثر الضوء في كميَّة النوم فحسب، بل على جودته أيضاً. يقول الدكتور «جوشوا تال»، عالم النفس السريري المقيم، والمتخصّص بقضايا النوم: «يتأثر نوم حركة العين السريعة بشكلٍ كبيرٍ بالضوء والظلام، لذلك عندما يكون لدينا ضوءٌ أقل خلال أشهر الشتاء، فإنَّ الجسم سوف يعوّض بشكلٍ مفرطٍ عن طريق إعطاء المزيد من نوم حركة العين السريعة».

الحاجة إلى مزيدٍ من النوم خلال فصل الشتاء قد تكون أيضاً بسبب ما يعرف باسم «اضطراب الرحلات الجويَّة الطويلة الاجتماعيَّة»، وفقاً للخبراء، بمعنى أنَّ أوقات المتعة والسهرات المتأخرة التي قضيتها طوال الصيف قد تكون السبب وراء مواجهتك صعوبة في النوم خلال الشتاء أو الشعور بجسدك وهو يفرطُ في التعويض مع مزيدٍ من النوم. يقول تال: «لم يعتد جسدك على هذا الوقت المبكر، ومن الصعب أنْ تغفو. ساعتك البيولوجيَّة تعاني من التأخير». ويشير داسغوبتا إلى أنَّ الأسباب السلوكيّة الأخرى تشمل «الإجهاد أثناء العطل، والانغماس في مجموعة واسعة من الأطعمة والحلويات، وتناول الكحول، وعدم ممارسة التمارين الرياضيَّة».


التكيّف مع المواسم

وتقول فايس إنَّ البشر ما زالوا لا يحتاجون إلى السبات، ولا يمكننا تحمّل ذلك بسبب التزاماتنا الاجتماعية والمهنية، وتضيف: «لكنْ يمكننا إجراء تعديلات للأداء بطريقة أفضل، وللحصول على راحة بطريقة أفضل خلال فصل الشتاء».

وبسبب الطريقة التي قد تؤثر بها تغيّرات الضوء في الشتاء على إيقاعات الساعة البيولوجيَّة لدينا، فإنَّ النوم أكثر قليلاً يمكن أنْ يساعدك على أنْ تكونَ أكثر يقظة لجدولٍ زمني يتطلّب منك أنْ تكون في الخارج أثناء الظلام، بحسب تال. وبدلاً من ذلك، قد يكون من المفيد أيضاً تقديم أوقات بدء العمل أو المدرسة، لأنَّ الاضطرار إلى الخروج خلال النهار فقط من شأنه أنْ يساعد الناس على الشعور بمزيدٍ من اليقظة.

تقول فايس: «لأجل مساعدة أجسامنا على الانتقال من النوم إلى الاستيقاظ، من المهم التعرّض للضوء في الصباح خلال أشهر الشتاء. إلى جانب ذلك، من المهم الحفاظ على أوقاتٍ ثابتة للنوم والاستيقاظ».

إذا كان جدولك الزمني لا يسمح بالتعرّض للضوء الطبيعي قبل العمل، فيمكنك تجربة العلاج بالضوء، وهو العلاج الأساسي للاضطراب العاطفي الموسمي، والذي يمكن أنْ يكون سبباً آخر للنوم أكثر خلال فصل الشتاء. يتضمّن العلاج تعريض نفسك لصندوقٍ ضوئي بقدرة عشرة آلاف لوكس كحدٍ أدنى لوكس لمدة ثلاثين دقيقة على الأقل. واللوكس هي وحدة قياس شدة مستوى الضوء.


وكالة سي أن أن الإخباريَّة