سرور العلي
أحمد جاسم زيدان، مغامر ومروض ذئاب، ومستكشف وناشط بيئي من محافظة ميسان، مهتم بشؤون الأهوار والبيئة، ويحرص دائماً وجاهداً ليكون في مستوى عال من الاحترافيَّة والمهارة في هذين المجالين، واشتهر بأنه يحمل على ظهره جماجم الجاموس النافق، ويجوب بها أينما ذهب لإيصال رسالة إلى الجهات المختصة بحجم الدمار الذي حل في الأهوار والثروة الحيوانيَّة، وبهذا الحيوان المهدد بالانقراض الجاموس الفراتي، ويعمل بشكل ميداني ويقوم بتوثيق جميع نشاطاته بصدق وأمانة، وينقل الصورة الحقيقيَّة، لتصل مناشداته لجميع الناس سعياً لخلق رأي عام محلي وعالمي.
تحدث عن كونه ناشطاً بيئياً وصوتاً للدفاع عن بيئة الأهوار بالقول: «أمارس نشاطي البيئي وأراقب مناسيب المياه في الأنهر الرئيسية والفرعية، أما الأنهر البعيدة فتكون عبر الاتصالات مع أشخاص قريبين منها، كذلك أطالب بحقوق أهالي القرى والأرياف المائية والصحية في الأقضية والنواحي، وحماية الثروة السمكية والحيوانية والتنوع الاحيائي من طيور وحيوانات ومواشي، وتوفير الأعلاف المدعومة، والحفاظ على البيئة، وحماية نهر دجلة من التلوث، وأقوم بحملات تنظيف وجمع النفايات عنه، وهناك نشاطات وفعاليات كثيرة عليه، أذكر واحدة منها حضر فيها أكثر من 300 متطوع من محافظة ميسان، وشكلت فريق للعمل معي يتكون من 7 أشخاص مع 3 عجلات، ويضم فريقنا مهندساً ذا خبرة في المجال البيئي، ومسعفين ومصورين، وفريق حماية كون عملنا يتطلب السفر، والدخول في مناطق بعيدة ومجهولة، من أجل توثيق الواقع البيئي والمأساوي داخل محافظة ميسان والأهوار العراقيّة، وجزيرة الطيب الحدوديّة».
قام زيدان بحملات احتجاجيّة كثيرة متعلقة بجفاف الأهوار، وذلك بوضع أطول هاشتاك في العالم في محافظة ميسان بعبارة (# الأهوار_تستغيث)، منقط بجماجم حيوان الجاموس النافق في ناحية المشرح، وأطلق صرخاته وسط معقل آبائه وأجداده هناك، للمطالبة بعودة المياه، ووجه نداء استغاثة بعد نزوح المئات من الأسر الساكنة فيها، وكذلك نفوق المئات من الحيوانات كالجاموس والماكسويل وغيرها، وكذلك قام بفعالية أخرى وهي السير في موكب اسماه «شباب ميسان الأحرار» في شهر محرم الماضي، وشارك عدد من وجهاء وشيوخ ومثقفيّ، وناشطيّ ومتطوعيّ المحافظة في ذلك الموكب، الذي يرمز إلى الشجاعة والحكمة والوفاء، والإخلاص، وتم عرض بعض أجزاء (الحيوانات النافقة) في الأهوار، بسبب الجفاف الذي حلَّ بها مؤخراً، وللتأكيد على أن رسائل عاشوراء لا تقتصر على فكرة أو عزاء معين، بل واحدة من أهم رسائله هي ايصال صوت الشعوب المظلومة.
نجح بتوثيق الكثير من الحيوانات والطيور في مناطق الأهوار، بالتعاون مع فريقه الخاص، من أجل جمعها في كراس والاحتفاظ بها، والإطلاع على حياتها، وتعد تلك البيئة ممراً للطيور المهاجرة، حيث الدفء والمياه وأعماق لا تطالها بسهولة يد الإنسان، فضلا عن توفر المصادر الغذائية المتعددة لكل الأصناف، وتستقر طوال الموسم، وبعضها يبقى لفترة ثم يرحل، ووثق بعضاً من الحيوانات، مثل الأفاعي، والخنازير، وذئب القصب، والثعلب، والحصيني، وأبو منجل، و دجاج الماء، وطائر الهليجي، والبغيلي، والمشخت، والكرسوع، وطائر الغاق، وبنت الشیخ، والبرينجي، وكذلك بعض الصقور، والنورس، والحجل، وطائر الرفراف الخطاف، وطائر البرهان الأرجواني.
نال زيدان الكثير من الشهادات التقديريَّة والجوائز، وترشح ضمن أفضل الشخصيات الميسانيَّة التي خدمت المحافظة سنة 2022 - 2023 في المهرجان السنوي الذي أقامته مؤسسة المحب الإنسانيّة، كذلك العديد من الشهادات الأخرى، وتم تكريمه بجائزة من قبل إدارة ملتقى الخميس الثقافي لتكريم المبدعين في ميسان، وبجائزة من قبل مسؤول فريق أولتراس نادي نفط ميسان الرياضي، وكرم بدرع رد الجميل من قبل مدير عام صحة ميسان.
وفي سؤالنا له عن تجربته بترويض الذئاب المفترسة أجاب: «دائماً نسمع بأن الذئاب عدو لدود للإنسان ومواشيهم، ولا يمكن الاقتراب منها أو تربيتها، وعلى هذا الأساس يبادر الكثير من المزارعين وأصحاب المواشي والصيادين بقتلها، من دون أن تسبب لهم أيَّ ضرر، حتى باتت مهددة بالانقراض في بعض من المحافظات العراقية، ولم يسجل أي أعتداء من الذئاب اتجاه البشر، وأن حدث فذلك بسبب تصرفات الإنسان الخاطئة في التعامل مع هذا الحيوان في موطنة وبيئته، لذلك بعد دراسة طويلة لحياة وسلوك الذئاب قبل ثلاث سنوات من اليوم، قمت باقتناء أنثى الذئب بعمر شهرين، واسميتها (جازية)، وبدأت بتدريبها وترويضها حتى أصبحت مطيعة لجميع الأوامر، والاختلاط مع البشر بشكل طبيعي، وصديقة للأسرة والأصدقاء وبخاصة الأطفال، فهي تحب اللعب معهم لتنشئ بينهم علاقة قوية، وكما أن للإنسان دوراً مهماً للحفاظ على التوازن البيئي، فإنّ الحيوان أيضاً له دور محوري ومهم جداً في توازن هذا النظام، إذ تساعد الذئاب في الحفاظ على البيئة، من خلال التغذي على الحيوانات الأخرى».
وطرح زيدان في ختام حديثه عدة مقترحات لإنقاذ بيئة الأهوار ومنها، تغيير طرق الري الحقليّة السيحيّة إلى طرق ري حديثة مرشدة للاستهلاك المائي، مثل طرق الري بالرش والتنقيط وغيرها من التقنيات الحديثة، وإزالة بحيرات الأسماك المنشأة عن طريق التجاوز من دون موافقات رسميّة، ورفع التجاوزات على الأنهر وشبكات الري، ومحاسبة المخالفين، وصيانة منظومات الأنهر والسدود والنواظم، وترشيد استهلاك المياه، وإنشاء سدود حصاد مياه، وهناك الكثير من الإجراءات الأخرى.