دكتورة عراقيَّة تحصد أول جائزة عربيَّة في البحث العلمي

علوم وتكنلوجيا 2024/03/04
...

 بغداد: سرور العلي

يسرى كريم جابر الهلالي، أستاذٌ مساعدٌ في قسم الكيمياء، كليَّة العلوم، الجامعة المستنصريَّة، أنهت دراستها الأوليَّة في قسم الكيمياء سنة 2000، في كليَّة العلوم - الجامعة المستنصريَّة وكانت الأولى على القسم، وأكملت الماجستير سنة 2003 في القسم نفسه وبتخصص الكيمياء الحياتيَّة السريريَّة، حصلت على درجة الدكتوراه في الكيمياء الحياتيَّة التحليليَّة من جامعة ساسكس في المملكة المتحدة عام 2014.
فازت بالعديد من الجوائز العلميَّة المحليَّة والدوليَّة، آخرها كانت جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب لعام 2023، وذلك لعملها البحثي المتميز في مجال داء النسيان والخرف، ولديها أكثر من ٣٠ بحثاً علمياً أصيلاً منشوراً في مجلات علميَّة رصينة، وأصبحت مؤخرًا زميلًا للأكاديميَّة البريطانيَّة للتعليم العالي، وعضواً في العديد من الجمعيات العلميَّة ومنها جمعيَّة مرض الزهايمر الأميركيَّة.
وأشارت إلى أنَّ بداياتها بدخول حقل العلوم الطبيَّة والصحيَّة حين كانت طالبة ماجستير في تخصص الكيمياء الحياتيَّة السريريَّة في قسم الكيمياء في الجامعة المستنصريَّة، وكانت رسالتها تتضمنُ دراسة حركيَّة لأنزيم الكولين استريز المستخلص من نسيج دماغ البشر الأصحاء والمصابين بالأورام الدبقيَّة.
واجهت الهلالي العديد من التحديات ومنها، عدم توفر البِنْية التحتيَّة والأجهزة الحديثة المتقدمة اللازمة لإجراء البحوث الرصينة والمنافسة للبحوث العالميَّة، كون الجامعات العراقيَّة تفتقرُ لأبسط مقومات البحث العلمي الرصين، فيتحمل الباحث معظم تكاليف البحث من شراء المواد اللازمة للبحوث، وكذلك إرسال العينات لإجراء الفحوصات خارج العراق، وتحمل تكاليف السفر.
أما على الصعيد الآخر فمسؤوليَّة الأسرة أكبر، كونها زوجة وأماً لأربعة أطفال، وما يمثله ذلك من تحدٍ بتربية الأطفال وتعليمهم، وصعوبة تحقيق التوازن بين مسؤوليات الأسرة والعمل، فكان شغفها بالعلم والتعلم والإصرار على إكمال مسيرتها العلميَّة، وبالصبر على العراقيل التي واجهتها هو سلاحها لمواجهة هذه التحديات، وكان لزوجها دورٌ كبيرٌ في التغلب على مجمل هذه التحديات.
يسرى الهلالي لفتت في حديثها لـ»الصباح»، إلى أنَّ «منجزاتها البحثيَّة والعلميَّة توزعت بين محورين أساسيين أحدهما مكملٌ للآخر في مجال داء النسيان والخرف، المحور الأول، يتضمن دراسة الإجهاد التأكسدي الناجم عن تأثير بعض العوامل البيئيَّة، مثل ارتفاع مستوى بعض الأيونات المعدنيَّة في دماغ مرضى داء النسيان، وشدة التعرض للأشعة فوق البنفسجيَّة، وكذلك دراسة دور جين ApoE4 كعامل خطرٍ وراثي، لتطور الإصابة بداء النسيان متأخر الظهور، وتمَّ نشر نتاجات هذا العمل في خمس مجلات عالميَّة رصينة مثل: (iScience, Cells, and Journal of Molecular Biology) ، إذ كنتُ باحثاً رئيساً في خمسة بحوث ومشاركاً في بحثين”.
وأضافت “أسهمت هذه البحوث بصورة كبيرة في فهم دور ومساهمة الأشعة فوق البنفسجيَّة والايونات المعدنيَّة، وعلى الأخص ايونات النحاس الثنائيَّة في عمليَّة تكوين اللويحات الاميلويديَّة، وكذلك حبائك تاو الليفيَّة التي تعدُّ أهمَّ الصفات المرتبطة بنشوء داء النسيان، وكان آخر الإسهامات ضمن هذا المحور نشر مقال مراجعة في مجلة Frontiers in Neuroscience حيث تمّ رفد الباحثين بمعرفة كافية عن دور وأهميَّة روابط الداي تايروسين في نشوء داء النسيان، وإمكانيَّة استخدامها كمؤشرٍ حيوي (Biomarker) لمستوى الإجهاد التأكسدي في مرضى داء النسيان، أما المحور الثاني، فقمت بتطوير نموذج مختبري (In vitro Model) لألياف بروتين تاو المكونة لحبائك تاو الليفيَّة، يحاكي تلك الموجودة في دماغ مرضى الزهايمر، إذ عجز الباحثون والعلماء على مدى ثلاثين عاماً عن تطوير هكذا نموذج، وقد ساعد هذا النموذج المختبري المطور أولاً في تطوير علاج لداء النسيان، فأسهم بشكلٍ كبيرٍ وفعالٍ في تقدم التجارب السريريَّة لشركة TauRX الدوائيَّة البريطانيَّة من خلال مساعدتهم في تحديد حجم الجرعات اللازمة، علما أنَّ التجارب السريريَّة للشركة حالياً في الطور الثالث (Phase three)، وثانياً أسهم النموذج المختبري المطور في فهم آليَّة عمل الدواء المصنع من قبل شركة TauRX ، كمثبطٍ لعمليَّة تكوين حبائك تاو الليفيَّة داخل الخلايا العصبيَّة”.
وأشارت “قام الكثير من الباحثين وبالخصوص من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركيَّة بالتواصل معي، لمعرفة المزيد من المعلومات عن هذا النموذج المختبري، ومساعدتهم في تحضيره وكان آخرهم الباحث كرستوفر من جامعة ولاية اوهايو ضمن الفريق البحثي للعالم جيف
كوريت”.