نافع الناجي
من دون مللٍ ولا تعب، يقضي آلاف الفتية ساعات طويلة أمام شاشات الألعاب الالكترونية، ليصنفوا تحت مصطلح (الكيمرية)، وهي ألعاب تتنوع بين الحروب والرعب والرياضة، تجاوزت مستوى التسلية الى الإدمان وما يخلفه من مشكلات نفسية واجتماعية.
وفضلاً عن هؤلاء فهناك عشرات الآلاف غيرهم من مختلف الأعمار، يمارسون هذه الألعاب في بيوتهم ويقتنون أجهزة وحاسبات متطورة ويشترون أرصدة، للتباري (اونلاين) مع نظرائهم داخل وخارج البلاد، تاركين أعمالهم ودراستهم في مهبّ الريح.
تضافر اجتماعي
الباحثة في علم النفس الإجتماعي الدكتورة مريم الصالحي، تقول "بالتأكيد سجلنا الكثير من الملاحظات عن هذه الظاهرة التي أصبحت واضحة وأضرارها كبيرة وملموسة، من خلال البحوث وأيضاً من خلال إرشاد طلبتنا في الدراسات العليا للماجستير والدكتوراه، لكي يقفوا عند هذه الظاهرة ويبحثوا في حيثياتها ومعطياتها بشكلٍ علمي، لكي نسهم كأكاديميين في الحد من هذه الظواهر وسلبياتها على المجتمع ككل".
وتابعت "اليد الواحدة لا تصفق، ولا بد من تضافر الجهود المجتمعية ككل لوقف هذه الظاهرة غير الصحية، والسعي للتخلص منها وإنقاذ الشباب من براثنها وسلوكياتها المضرّة".
إدمانٌ للكبار والصغار
وفضلاً عن التأثيرات النفسية والاجتماعية، فإن أولياء أمور التلاميذ والطلبة اشتكوا من تسبب إدمان الألعاب الالكترونية بتفاقم ظاهرة التسرب من المدارس، وغياب الرقابة الحكومية على صالات الألعاب وتحديد الأعمار لدخولها، ويقول الإعلامي صاحب جبار العبد "اليوم لم تعد المؤثرات العقلية والمخدرات هي الوحيدة، التي يدمن عليها الأشخاص، بل تعدتها الى الألعاب الالكترونية، حيث نرى الكثير من الأطفال وحتى الكبار قد أدمنوا على هذه الألعاب ويهدروا ساعات طويلة كل يوم أمام الشاشات". وحول الحلول التي يقترحها العبد، يضيف "يجب على المؤسسات الحكومية وأجهزتها المختصة، مراقبة هذه الصالات تحديداً ووضع شروط صارمة وتوقيتات محددة لساعات فتحها والفئات المشمولة، لأننا أصبحنا نشاهد اليوم العديد من هذه الصالات تجد فيها التلاميذ والطلاب وحتى الأطفال، وقد ترك بعضهم مقاعد الدراسة ليقضوا وقتهم في اللعب بهذه الصالات".
حجب بوبجي وغيرها
ورغم تعليق صالات الألعاب الالكترونية لافتات تمنع دخول الطلاب المتسربين من المدارس، فإن القوانين الحالية لا تضع محددات على هذه الصالات التي يرفض أصحابها التعليق لوسائل الإعلام. وتدرس الحكومة حاليا مناقشة بعض التشريعات والقوانين بحجب المواقع الالكترونية لعددٍ كبير من الألعاب التي تحث على العنف والكراهية والبغضاء، مثل لعبة (بوبجي) الشهيرة وغيرها، حسبما طالعتنا وسائل الإعلام مؤخراً.
إنفاق 150 ألف دينار شهرياً
دلفنا الى إحدى صالات الألعاب تلك، وتابعنا لأكثر من ساعتين عدداً من الشباب وهم لا يزالون يتسمرون أمام شاشات الألعاب الالكترونية، يلعبون مع أشخاص افتراضيين من دولٍ أخرى في لعبة تسمى (كال اوف ديوتي)، حيث يتقمص فيها اللاعب شخصية جندي في ساحات القتال مع زملائه ويبدأ بإطلاق النار على عدوه بعد اختياره السلاح الذي يرغب به وتنتهي اللعبة بعد عشرين دقيقة. يقول علي كامل "طبعا أنا أقضي وقت في الألعاب، حينما يكون عندي ضيق أو مشكلة بالبيت آتي الى هنا للتسلية ونسيان ضغوطات الحياة"، وعن سبب اختيار لعبة القتال دون الرياضة او غيرها، ذكر علي "ألعب الكثير من هذه الألعاب، لكن لعبة القتال أمارسها مع أصدقائي لكونها ممتعة بعض الشيء وفيها الكثير من التحدي".
تختلف الألعاب الالكترونية بين الرياضة والقتال وسباق السيارات، ويقضي اللاعب فيها قرابة ست ساعات يومياً، وينفق ما يقارب 150 الف دينار كمتوسط شهري.
أنواع الألعاب والمجموعات
يقول جبار حسين مالك إحدى قاعات الألعاب "يفضل المتنافسون الألعاب الرياضية وألعاب منظور الشخص الأول، إذ تجعل اللاعب يشعر بأنه جزء من اللعبة وداخلها"، مضيفاً "هناك عدة مجموعات مميزة، منها مجموعة (السبورت) وهم الأشخاص الذين يتوجهون للألعاب الرياضية مثلا (الفيفا)، وهناك مجموعة ألعاب (السيارات)، وهناك المجتمع الذي يتوجه نحو العاب منظور الشخص الأول، يعني السلاح وغيرها، وهناك الألعاب الاستراتيجية وأنواع عديدة
لا تحصى".
بطولات كيمرية
وتختلف أسعار الألعاب الالكترونية، إذ تتراوح بين ستين الى مئة وعشرين دولاراً، ويلتقي مجتمع (الكيمرية) في مقاهٍ خاصة بهم في اغلب المحافظات، يناقشون فيها آخر إصدارات الألعاب وتحديثاتها، فضلاً عن التعارف في ما بينهم.
ويقول حسنين عبد الرضا "هناك بعض الأشخاص المتفرغين يمكن أن يقضوا من 4- 6 ساعات باليوم واحتمال أكثر".
ويضيف "الالعاب بنسخ مختلفة تتفاوت من 60 90- 120 دولاراً، وينظم مجتمع الكيمرية بطولات الكترونية خاصة بهم في مختلف الألعاب تصل جوائزها الى 15 مليون دينار بعد أخذ موافقة الشركة الرسمية الناشرة للعبة".