رمضان المبارك.. الوصفة الأفضل للصحَّة النفسيَّة وعلاج السمنة

منصة 2024/03/14
...

تزدحمُ وسائل التواصل الاجتماعي بالإعلانات لخفض السمنة، وتكثر المستشفيات التخصصيَّة بعلاج السمنة وخفض الوزن، وتجري بعضها عملياتٍ جراحيَّة باستخدام الجراحة التنظيريَّة للبطن. وتكثر أيضاً أدوية متنوعة جديدة مثل (بوبرو بيون واوريلستات) تهدفُ جميعها الى علاج السمنة التي شاعت في السنوات الأخيرة في ظاهرة تلفت الانتباه.. إنَّ الشباب صاروا أيضاً أصحاب كروش.
ولهؤلاء نقول إنَّ شهر رمضان يوفر لكم ما تصرفونه من مال، ويبعدكم عن مراجعة تلك المستشفيات وما يصيبكم من خوفٍ وقلقٍ، ففي صيامه أفضل علاجٍ للسمنة وراحة البال. وقولنا هذا ليس (حجي جرائد) ولا عن خبرة شخصيَّة، بل هو نتائج دراسات علميَّة.
إذ يؤكد أطباء الباطنيَّة أنَّ الصيام يعدُّ وسيلة للوقاية من السمنة وعلاجها في آنٍ واحدٍ، وأنَّ الأكل المعتدل مع النشاط والحركة عاملان مؤثران في تخفيف الوزن، وذلك بزيادة معدل استقلاب الغذاء بعد وجبة السحور واستخدام الدهن المختزن لأكسدته في إنتاج الطاقة اللازمة بعد منتصف النهار. وذكروا أنَّ الصيام الإسلامي المتمثل في الحفاظ على وجبة السحور والاعتدال في الأكل (وبعضهم ياكل زايد.. ويسمن) والحركة والنشاط أثناء الصوم، يمثل نظاماً غذائياً ناجحاً في علاج السمنة. وأضافوا أنَّ الشخص الذي يحافظ على الصيام تقلُّ إصابته بمرض «تصلب الشرايين» وتتأخر عنده علامات الشيخوخة. وأنَّ الصيام يؤدي لتحلل الخلايا التالفة واستبدالها بخلايا جديدة ونشطة، ما يزيد من عمل وقوة وظائف الجسم المختلفة، لذلك «يشعر الإنسان بعد انتهاء شهر الصوم بنقاء جسمه وزيادة طاقته وصفاء نفسه». سايكولوجياً، أشارت مجلة (سايكولوجست) الى ظهور عشرات المراكز الطبيَّة في دول العالم المتخصصة في العلاج بالصوم مثل: الجمعيَّة العالميَّة للصحة، وجمعيَّة الطبيعة والصحة بكندا، والجمعيَّة الأميركيَّة للصحة الطبيعيَّة، وأخرى في اليابان والهند والصين، تنطلقُ من فكرة ضرورة إثارة الانتباه الى فائدة ضبط الشهوات والتحكم بها عن طريق الصوم.
وبالإضافة إلى المراكز والمؤسسات الطبيَّة التي تلجأ إلى الصوم كطريقة علاجيَّة، توجد مئات الكتب والأبحاث التي تناولت الصوم من مختلف الجوانب والأبعاد؛ ومن بين الأدبيات الكلاسيكيَّة في الموضوع نذكر كتاب هربرت شيلتون «الصوم»، وكتاب نيكولايف بيلوي «الجوع من أجل الصحة»، و»الصوم» لجيسبير بولينغ،». مستندين في ذلك الى ما أكدته أبحاث أنثربولوجيا الأديان أنَّ فعل الصوم يكاد يكون سلوكاً مشتركاً بين جميع الملل الدينيَّة، وأنه كان وسيلة لفهم الآخر.
وتوصلت دراسات علميَّة حديثة الى نتيجة مدهشة هي أنَّ حرمان المريض المصاب بالاكتئاب النفسي من النوم ليلة كاملة، وعدم السماح له بالنوم حتى مساء اليوم التالي، له فعلٌ عجيبٌ في تخفيف اكتئابه النفسي وتحسين مزاجه حتى لو كان من الحالات التي لم تنفع فيها الأدويَّة المضادة للاكتئاب. وهنالك من يرى أنَّ الصيام له تأثيره المخفف لحدة المعاناة والآلام في كثير من الحالات النفسيَّة والعقليَّة. وأنَّ نفسيَّة الاكتئاب والإحباط قرينة للإفراط في الانسياق مع تيار الاستهلاك الجارف. ولهذا نصحت الكثير من الأبحاث بالتدريب على كبح الشهوات الغريزيَّة والسيطرة على الرغبات عن طريق الصوم، ما يؤكد أنَّ رمضان المبارك هو أحسن وصفة للصحة النفسيَّة، وأنه طاردٌ لليأس لأنه يعلمنا الصبر وفيه تزداد تبادل الزيارات الأسريَّة ويقوى الترابط وتصفو النفوس.
وفي ختامه سيأتي العيد فنعيش الفرحة بأجمل حالاتها، ليثبت أنَّ رمضان هو أفضل وأجمل وصفة للصحة النفسيَّة، لا سيما لنا نحن العراقيين بشكلٍ خاص.
وكل رمضان وأنتم بخير وأمان.