أجواءٌ أسريَّةٌ وعباداتٌ وتكافل

اسرة ومجتمع 2024/03/17
...

  سعاد البياتي 

أطل علينا شهر الخير والبركة محملا بنكهة خاصة وبأوقات جميلة وسلوكيات، تفضي الى استشعارنا بأهميته وتفرده بين الشهور، فكل أيامه ثمينة ومثمرة بالأوقات المميزة والحياة الاجتماعية المليئة بالجمال والتقارب الأسري والاجتماعي، ونرى ربة البيت الكريمة تصرف معظم أوقاتها في تلبية متطلبات اسرتها، التي تتزايد في الشهر الكريم بمحبة وامتنان لتقدم خدماتها المتنوعة على مائدة الافطار، من هذا المنطلق نسمع بعضًا ممن التقيناهم من الأسر المتعايشة مع اجواء شهر رمضان.

تقول ام احمد 45 عاماً « تعودت أسرتي ومنذ سنوات أن أقوم أنا بكل احتياجاتها ليس في الشهر الفضيل وحسب، بل في كل الاوقات، وتتضاعف المسؤولية فيه لأن متطلباتها متنوعة، مما يؤجل او يؤخر لدي بعض العبادات المطلوبة في شهر رمضان، إلا أنني أشعر بالسعادة رغم الارهاق والتعب الذي يواجهني، وأعد هذا من باب الأجر والثواب. 


شعور بالسعادة

وتعد رلى عبيد موظفة، أن التعايش مع أفراد الاسرة في شهر الصيام غاية في السرور والقبول، لانه الشهر الوحيد، الذي يجمعنا معاً على مائدة الإفطار، لذا تؤكد : احرص دوماً على أن أعمل لهم الأكلات التي يحبونها، أو ألبي طلباتهم في الأعمال الاخرى بحجة انهم صيام، لكني اشعر بالسعادة، فعلى طول السنة تكون اوقاتي معهم معدودة، لارتباطي بدوام، فلا يجمعنا الا الشهر الرمضاني، وهذا اقصى غاياتي ومن واجبي أن أحضر لهم مايحتاجونه، وهم يقدمون بعض الاحيان المساعدة حينما يشعرون بتعبي، وتبين أنها تعد لأطفالها بعض مستلزمات الشهر، لخلق اجواء محببة اليهم كملابس الصلاة وأخرى معدة للشهر الكريم، بغية الشعور بأهمية الصيام وفضيلة الشهر .


حلاوة الشهر

وتعد سارة لؤي وهي أم وربة بيت، أن لشهر الخير فرصة لتكثيف العبادات وختم القرآن وقيام الليل، وأنا من حقي ألّا أضيع هذه الفرصة، لا سيما في هذا الشهر الذي يمنحنا الخير والبركة،  لذا فقد قمت وحسب وصفها  باعداد برنامج لتنظيم اليوم، بحيث تكون الفترة الصباحية لاعمال تنظيف وترتيب المنزل، وبعدها لتلاوة القرآن، اما فترة المساء فهي للراحة ومتابعة بعض البرامج،  ثم ادخل المطبخ لاقوم باعداد سفرة الافطار، فلا أجد مشقة كبيرة في ذلك، مع ان حلاوة الشهر الكريم تجعلنا نقضي اوقاته بمحبة واحترام اجوائه الجميلة والممتعة، فكله خير وبركة وعلينا استثماره بالعبادات، التي تقربنا من الله سبحانه وتعالى ونمضي ايامه بالتكافل الاجتماعي ومساعدة الآخرين والتسامح بشكل يديم العلاقات ويحفظها. 


تقسيم الوقت

الاخصائية الاجتماعية رويدة الحاج مصطفى، تبين أن الشهر الفضيل يعد مدرسة تربوية واجتماعية تجعلنا نقتدي بتفاصيله الدينية ومظاهره الاجتماعية الحانية بين الاهل والجيران، وأوضحت أن الوقت الكبير الذي تقضيه ربه البيت في المطبخ لاعداد مائدة الافطار وتحضير اصناف من الطعام والحلويات، قد يستنزف الكثير من الوقت،لذا لابد من تقسيم اليوم، وترتيب بجدول للايام تكتب فيها الاكلات التي سيتم تحضيرها لمدة شهر ليسهل عليها التفكير بها. 

ونوهت الحاج بأن على الأم واسرتها ان يكونوا بمستوى فضيلة هذا الشهر، بحيث لا تفوتهم فرصة لتكثيف العبادات بالشكل المطلوب، فالله جل وعلا امرنا بالصيام في هذا الشهر، والتقرب اليه بالصلاة وحفظ اللسان ومساعدة الفقير وغيرها من الأمور العبادية، وليس لطبخ انواع الطعام وقضاء الوقت في المطبخ واجبار ربة البيت على تحضير أنواعه، فنخسر متعة الصيام وفضيلته بهذا السلوك، واضافت على الاب أو الابناء دور في مساعدة الام كي لايذهب كل وقتها في المطبخ، وهذا أعدُه حقًا من حقوقها ومدى العرفان لها.


اعظم النعم

وعزز الشيخ ماجد العوادي الحديث عن الصيام ودور الاسرة في ذلك بالقول: 

لشهر رمضان نفحة ايمانية وهبها الله عز وجل للمسلمين ليكونوا متقاربين في عباداتهم، وهو من اعظم الشهورتضاعف فيه الحسنات وتغفر فيه السيئات، ويعد من أعظم النعم على المسلم أن يبلغه الله سبحانه وتعالى شهر رمضان، وأن يعينه على أداء واجباته من صيام نهاره وقيام ليله، فهو شهر الرحمة والغفران والعتق من النار واقامة ايامه ولياليه بشكل يتيح للصيام، فحري بالمسلم أن يستثمر هذا الشهر بما يعود عليه بالخير، وأن يبادر بتأدية ماعليه بكل هدوء وطمأنينة، وعليه يكون الشهر الكريم شهر الاسرة بامتياز، حيث لقاؤهم على مائدة الافطار، فيكون لكل فرد منهم دورٌ في نوع من السلوك كمساعدة الام او تعليم اخيه الصغير بعض العبادات البسيطة، ومن المواضيع الاجتماعية المهمة في الشهر الكريم التي من الضروري التحدث فيها هي الاسراف في الطعام، صحيح أن من حق الصائم التنعم في الاكل والشرب، إلا أن الاسراف فيه يعد من الامور غير المستحبة، اذ نجد البعض يضع العديد من الأصناف، وأغلب هذا الطعام لا يؤكل بل يرمى في النفايات فلنحافظ على نعم الله ليزيدنا من فضله.

كما لا يجوز تكليف الزوجة بما لا طاقة لها من حيث اعداد الطعام والعمل الشاق في البيت، فشهر رمضان فرصة لنتعلم التعاون في الأسرة، والصبر على الجوع واحترام الفقير وتقدير وضعه بمساعدته، وكل ذلك يعد من اولويات الشهر .