احمد الجسار
لطالما اعتمد العراق على صادرات النفط كمصدر رئيسي للدخل، تاركاً مستقبله الاقتصادي رهينةً لتقلبات أسواق الطاقة العالمية. لكن اليوم، ومع تزايد الوعي بأهمية المعرفة في بناء اقتصاد مستدام، يبدأ العراق رحلة جديدة نحو التحول إلى اقتصاد المعرفة.
رحلة محفوفة بالتحديات:
لا يخفى على أحد أن التحول من اقتصاد النفط إلى اقتصاد المعرفة رحلةٌ شاقةٌ تتطلب التزاماً جاداً من جميع أصحاب المصلحة. فمن ناحية، يجب على الحكومة تخصيص ميزانيات كافية للتعليم والبحث العلمي، وبناء بنية تحتية قوية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن ناحية أخرى، على القطاع الخاص أن يلعب دورًا رئيسيًا في الاستثمار في المشاريع الابتكارية وخلق فرص العمل.
المعرفة كقوة دافعة:
يُعدّ الاستثمار في المعرفة مفتاحًا أساسيًا لفتح آفاق جديدة للاقتصاد العراقي. فمن خلال التركيز على التعليم والبحث العلمي، يمكن للعراق تنمية مهارات القوى العاملة، وخلق بيئة مواتية للابتكار والإبداع.
فرصٌ واعدة:
يفتح التحول إلى اقتصاد المعرفة آفاقاً واسعةً أمام العراق. فمن خلال الاستفادة من ثروته البشرية الهائلة، يمكن للعراق أن يصبح مركزًا إقليميًا للابتكار والتكنولوجيا، وخلق فرص عمل جديدة للشباب.
خطواتٌ عملية:
لا تقتصر عملية التحول على مجرد خططٍ نظرية، بل تتطلب خطوات عمليةً على أرض الواقع.
• الاستثمار في التعليم:
يجب على الحكومة العراقية أن تزيد من مخصصات التعليم، وتطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.
• دعم البحث العلمي:
يجب على الحكومة أن تدعم الجامعات ومراكز البحوث لتشجيع الابتكار والبحث العلمي.
• بناء بنية تحتية قوية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات:
يجب على الحكومة أن تستثمر في توسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت وتحسين سرعته وموثوقيته.
• خلق بيئة مواتية للأعمال:
يجب على الحكومة أن تُقلّل من القيود على الأعمال وتُشجّع الاستثمار الأجنبي.
• تغيير ثقافة العمل:
يجب على المجتمع العراقي أن يُشجّع على الابتكار والمبادرة وريادة الأعمال.
نماذج ملهمة:
يُمكن للعراق أن يستلهم من تجارب الدول التي نجحت في التحول إلى اقتصاد المعرفة، مثل سنغافورة وفنلندا.
سنغافورة:
استثمرت سنغافورة بكثافة في التعليم والبحث العلمي، ونجحت في بناء بنية تحتية قوية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
فنلندا:
تُعدّ فنلندا من الدول الرائدة في مجال التعليم، حيث تركز على تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات لدى الطلاب.
تحدياتٌ يجب مواجهتها:
يواجه العراق العديد من التحديات في رحلة التحول إلى اقتصاد المعرفة، أهمها:
• الفساد:
يُعدّ الفساد من أكبر العقبات التي تواجه العراق، ويُعيق عملية الاستثمار ونموّ الاقتصاد.
• نقص البنية التحتية:
يُعاني العراق من نقصٍ في البنية التحتية، خاصةً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
• نقص المهارات:
لا يمتلك الكثير من العراقيين المهارات اللازمة للعمل في اقتصاد المعرفة.
• البيئة الأمنية:
تُؤثّر الأوضاع الأمنية في العراق على عملية الاستثمار ونموّ الاقتصاد.
خلاصة القول: يُمكن للعراق أن يبني مستقبلاً مزدهراً من خلال التحول إلى اقتصاد المعرفة.
مع التزامٍ جادٍ وتعاونٍ بين جميع أصحاب المصلحة، يمكن للعراق أن يُصبح نموذجاً يُحتذى به في المنطقة العربية والعالم.