ترنيمة أسعار البنزين

اقتصادية 2024/04/03
...

محمد شريف أبو ميسم

من المؤكد أنَّ المستهلك غير معني بالأسباب التي دعت الحكومة إلى زيادة أسعار البنزين المحسّن والبنزين الممتاز، إنما هو معني بخفض الأسعار دائماً، وفي العادة تعبّر الفئات المتضررة من أيِّ قرار عن تذمرها وعدم قبولها، عبر محاولة التأثير في صانع القرار أملاً في التراجع، ولكن من الفئات المتضررة من هذا القرار في ضوء المعطيات؟، ومن الجهات المستفيدة من تنفيذ القرار؟
إذ يباع لتر البنزين العادي في عموم المحافظات عدا محافظات إقليم كردستان بسعر 450 ديناراً والبنزين المحسن بسعر 650 ديناراً والممتاز بسعر 1000 دينار، بينما يباع البنزين العادي في محافظات الإقليم بسعر 900 دينار للتر الواحد وبسعر 1250 ديناراً بالنسبة للبنزين المحسن و1500 دينار للتر الواحد من البنزين الممتاز. الأمر الذي يؤكد أنَّ كل أنواع البنزين المباعة في المحافظات عدا محافظات الإقليم هي مدعومة حكومياً، ومن خلال هذا الفارق في سعر البيع عُرف العراق بوصفه مصدراً لتهريب مادة البنزين إلى الدول المجاورة، حتى بات الاستهلاك يومياً 31 مليون لتر بنزين بحسب مصادر حكومية، بينما تستهلك تركيا مثلاً 11 مليون لتر يومياً علماً أنَّ عدد سكان العراق لا يتجاوز 41 مليون نسمة بينما يتجاوز عدد سكان تركيا 85 مليون نسمة، في وقت يحتاج فيه العراق لمزيد من الأموال بهدف دعم ملف الإعمار وإعادة تأهيل البنية التحتية للمدن.
في ذات السياق، فإنَّ التدفق الهائل لأعداد السيارات الحديثة صباح كل يوم في شوارع المدن العراقية، لا يؤشر لاستهلاك غير مسبوق في مادة البنزين وحسب، وإنما يؤشر إلى خلل في منظومة النقل العام وعجز في معالجة هذا الخلل، إذ لا يمكن أن تضاهي هذه المنظومة حركة السير في الشوارع المكتظة بالعجلات فضلاً عمّا تسببه هذه المركبات من تلوث بيئي كبير في ظاهرة تستحق الدراسة لمعرفة السر وراء تمسك الأفراد بالخروج إلى عملهم فرادى، إذ تشاهد أعداداً هائلة من المركبات الحديثة وهي عالقة في الزحامات صباح كل يوم وخالية إلا من سائق المركبة.
وبحسب مصادر حكومية فإنَّ استهلاك البنزين العادي يومياً يشكل نحو 81 بالمئة من كمية البنزين المباعة والبالغة 31 مليون لتر، بمعنى أنَّ نحو 25.11 مليون لتر من الكمية المباعة يومياً غير مشمولة بالزيادة، وأنَّ 18 بالمئة من الكمية المباعة والبالغة 5.89 ملايين لتر هي المشمولة بالزيادة إلى حد لا يرتقي إلى سعر بيعها في محافظات إقليم كردستان، ودون أن نشير إلى الفئة المتضررة من زيادة الأسعار، نقر أولاً بأهمية وجود منظومات نقل جماعية يمكن أن تسهم في فك الاختناقات المرورية وتقليل التلوث الناتج عن عوادم السيارات وتقليل الاستهلاك، وقبل هذا وذاك لا بد من تسليط الجهود على منظومات الطرق وتأهيلها بما يدعم منظومة النقل الجماعي.