العنف المنزلي في كينيا

اسرة ومجتمع 2024/04/14
...

  توم أودولا 

  ترجمة: بهاء سلمان

يرن هاتف «نجيري ميغوي» باستمرار؛ وتتواصل المكالمات الهاتفية والرسائل الواردة من النساء اللاتي يطلبن المساعدة للهروب من المواقف التي تهدد حياتهن، تبحث أم وطفلها المتبقي عن مكان للإقامة بعد أن زعم أن شريكها اغتصب وقتل طفليها الآخرين، بما في ذلك طفل يبلغ من العمر 6 أشهر، وبعد لحظات، اتصل أحدهم طالبا مساعدة إمرأة كادت أن تتعرّض للموت جرّاء ضرب مبرّح.

تقول ميغوي، البالغة من العمر 43 عاما، المؤسس المشارك لمنظمة مجتمعية تدعى Usikimye، والتي تعني «لا تصمت» باللغة السواحلية،: «أحيانا أشعر وكأنني الحكومة، لأني أقوم بالعمل الذي ينبغي عليهم القيام به».

المنظمة تساعد النساء على الهروب من العلاقات العنيفة، وتضعهن في منازل آمنة وتقدم لهن المشورة بشأن كيفية إعادة بناء حياتهن.

وتشغل ميغوي مكانها على الخطوط الأمامية للحرب ضد الوباء الصامت للعنف القائم على النوع الاجتماعي في كينيا، حيث قتلت ما يقرب من ستين إمرأة منذ بداية العام، وفقا لبيانات حكومية، وتقول إن عملها في دعم وحماية الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي يبدو وكأنه قطرة في محيط مقارنة بكم الضحايا الهائل من طالبي المساعدة يوميا وتوضح الناشطة إنه في كانون الثاني من هذا العام فقط، وقعت 32 امرأة ضحية لجريمة قتل الإناث، التي تعرّفها الأمم المتحدة بأنها «القتل المتعمّد بدوافع مرتبطة بالجنس».

تقول ميغوي: «ماذا ستفعل الحكومة لو قتل مرض ما 32 امرأة في شهر واحد؟ ستعلن ذلك كونه يمثل كارثة وطنية».

 ووجد المسح الديموغرافي والصحي في كينيا لعام 2023 أن أكثر من 11 مليون امرأة، أو 20 بالمئة من السكان، قد تعرّضن للعنف الجسدي أو الجنسي من شريك حميم خلال حياتهن، مع تعرض 2.8 مليون من هؤلاء النساء لهذا النوع من العنف في كينيا خلال آخر 12 شهرا.


أعدادٌ مخيفة

وتقول شركة أوديبو ديف للأبحاث الكينية، إن ما لا يقل عن 500 امرأة في كينيا قتلن بسبب جنسهن في الفترة من كانون الثاني 2016 إلى كانون الأول 2023.

وتبين ميغوي، انه بعد فترة من انشاء مكتب للمنظمة في سويتو، أحد أكثر الأحياء عنفا في العاصمة الكينية نيروبي، أدركت أن العديد من حالات العنف ضد المرأة لا يتم ابلاغ الشرطة عنها، ووجدت أيضا أن غالبية الجناة لا تتم محاسبتهم أبدا، وهذا يشجعهم على إرتكاب فظائع أسوأ ضد ضحاياهم، مما يؤدي في النهاية إلى الموت.

وتصدّرت كينيا عناوين الأخبار في الأشهر الأخيرة بعد مقتل «واهو ستارليت» في 3 كانون الأول، وهي راهبة وابنة قس إنجيلي عمرها 26 عاما، طعنها رجل يزعم أنه ينتمي إلى عصابة إجرامية يقوم أعضاؤها بابتزاز نساء واغتصابهن.

تم القبض على، «جون ماتارا»، بعد أن دخل المستشفى مصابا بطعنات نتيجة المواجهة مع ستارليت، ووجهت له تهم بالاغتصاب والقتل، وبعد الكشف عن هويته، تقدّمت سبع نساء زعمّن أنه قام بتعذيبهنّ وابتزازهنّ.

أدى مقتل ستارليت، إلى جانب مقتل أكثر من 31 امرأة خلال كانون الثاني، إلى خروج آلاف الكينيين إلى الشوارع في أكبر إحتجاج على الإطلاق في البلاد ضد العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

تقول ميغوي: «لا يوجد أي من الرجال الذين قتلوا هؤلاء النساء في السجن... معظمهم يسيرون بيننا».


اجراءاتٌ وقتيَّة

عندما ارتفعت حالات العنف من هذا النوع والمبلغ عنها في كينيا بنسبة هائلة، أعادت الحكومة تنشيط أقسام خاصة في مراكز الشرطة، زاجة بضباط مدربين خصيصا للمساعدة في تسريع التحقيقات عن تلك الحالات لأجل إنصاف الناجيات وردع مرتكبيها.

لكن نشطاء حقوق الإنسان في كينيا، يقولون إن هذه الأقسام لم تعد تعمل، وأن بعض الضباط المسؤولين يشعرون بالإحباط بسبب ضعف الأجور، ويصبون إحباطهم على الناجيأت أنفسهن.

ويشير الناشطون، إلى انتشار ثقافة تلقي الرشوة بين أفراد الشرطة الكينية من الضحايا، مقابل إتّخاذ إجراءات ضد الجناة.


وكالة أسيوشيتد برس الاخبارية