فقط قل «أنا أحبك»

اسرة ومجتمع 2024/04/21
...

  ذو الفقار يوسف

يتصارع غسان يوما بعد آخر مع نفسه، أنه يحاول السيطرة على مشاعره كلما استوجب الامر، فقد اكتشف مؤخرا ما يجب عليه فعله لكبح تفاصيل ملامحه لكي لا تكون سهلة التعرف للآخرين،»هذا ضعف» كان ذلك كل ما يردده حينما يستسلم لمشاعره بأنواعها المتعددة، كانت مشكلة غسان أكبر لكي يستسهلها الآخرون للحد، الذي جعله يظن بانه غريب عن هذا الكون، لا يشبه احدا، وهذا بحد ذاته ازمة ابدية لا فرار منها إلا بقوة جبارة، يبكي على وسادته فقط عندما يتخيل بان أحد افراد عائلته سيموت في يوم ما، او ترتجف يداه عندما يريد إخراج قطعة صغيرة من الزجاج دخلت في قدم اخيه الصغير، وحينما يجلس وحيدا يراقب نملة بقيت وحيدة وبعيدة عن مستعمرتها، يخلق بمشاعره عشرات الاسئلة والاحتمالات عنها، هل ستظل هكذا؟
متى ستعود لترافق بقية النمل؟، هل سيفتقدها أحد ما؟، يقبع مراقبا تلك النملة ليخلق لها كيانا مميزا بتلك المشاعر.
 لدى غسان مشكلة أخرى ارتبطت بهذه المشاعر، فمع كل تلك الخيالات كان يجهل كل ما يترجمها الى كلمة، بصمت طويل يحاول ان يجد ذلك النطق، وهذا ما جعله يطلق وعد التغيير، حينها اختار الجهل، ثم اللامبالاة، بعد ذلك التجأ إلى الغضب وتقطيب الجبين، وما أن يتحدث اليه شخص ما يعود الى جوف تلك المشاعر ليقيدها بأي شيء
كي لا يفتضح امره، فما يهم غسان ان لا يراه أحد كما يرى نفسه، ومع كل تلك التصرفات الدخيلة المشوهة، تحول الى شخص آخر، لا يتقبله صديق، ولا تقربه زوجة، لا طفل يريد أن يرتقي ظهره كما في السابق ليلاعبه، يبتعد عن كل ما يقربه من مشاعره، وفارق مراقبة الغيوم، وأقسم بأن لا يتحدث مع
القمر، تجنب رؤية عينيه في المرآة، وهرب من الموسيقى كما يهرب الخفاش من ضوء الشمس، جلس وحيدا في عالم لا صوت فيه ولا لون بلا حركة، وفي تلك اللحظة وعند عودته بلا وعي الى داخله سمع غسان روحه وهي تهمس له: قل لنفسك فقط «أنا أحبك».