الصحة النفسيَّة في أكاديمية «سهى مولود»

اسرة ومجتمع 2024/05/05
...

  بغداد : غيداء البياتي

كاتبة ومدربة تنمية بشرية تدعم المرأة، وتُنمي موهبتها في مجال الكتابة، وهي أيضا مدربة دولية في مجال علم النفس، تحدت بصبرها وشجاعتها وحبها للحياة مرض السرطان، واستطاعت أن تصدر كتاب «ما تبقى من ذاتي»، وهي تتلقى علاجها الكيميائي، إيمانا منها بأن دواء كل إنسان هو الأمل والسعادة، فهي توصي جميع النساء بأن يلتزمن بكل الأشياء، التي ينصح بها علم النفس والتنمية، فكان الكتاب الذي أصدرته بوابتها الأولى لدخولها عالم الأدب، وبكثير من الأمل والعزيمة استطاعت أن تؤسس مشروعها الخاص «حرف فكلمة فكتاب» المهتم بتطوير المرأة، تلك هي الروائية سهى مولود، التي أبدعت بمحاضراتها عن التنمية البشرية وعلم النفس على «اليوتيوب»، ومعهدها الخاص الذي حمل اسم « سهى مولود لعلوم سيكولوجية الطاقة الحيوية».

لم يقف طموح سهى مولود على الكتابة وإلقاء المحاضرات وتطوير ذات المرأة نفسيا وثقافيا، من خلال تأسيس معهدها، بل ثابرت ودرست حتى تمكنت من إنشاء أكاديمية للصحة النفسية باسمها.
فتحدَثت لـ»اسرة ومجتمع» بنبذة مختصرة عن بداياتها حيث قالت :» بعد أن درست الدكتوراه في الصحة النفسية، وكانت دراسة أكاديمية غير تابعة للتعليم العالي، ولا  لنقابة الأطباء، فقط دراستي في اكاديمية «ديانة» الاميركية «دراسة عن بعد»، حصلت على الدبلوم ومن ثم البكالوريوس بعدها الماستر والدكتوراه، التي مكنتني من الحصول على الاعتماد، ومن خلاله استطعت ان افتتح «اكاديمية سهى مولود للصحة النفسية»، وأصبح لدي الحق بالعلاج غير الدوائي للمرضى النفسيين، واستطعت أن أدرب وأخرّج مدربي «حياة»، يستطيعون أن يقيموا ورشاً بعلوم السايكولوجي، وهو الباب الثاني، التي يفتحها الإنسان كي يدخل إلى حياة ثانية.

كتابة الروايات
مولود أشارت إلى :»أن المجتمع العربي والعراقي على وجه التحديد يرفض كلمة مريض نفسيا، لأنه يعد بصمة عار عليهم، فهم يتصورون أن المرض النفسي هو الاختلال العقلي، وهذا غير صحيح فعندما يكون الإنسان مريض نفسيا، يعني انه قد تعرض إلى صدمات متكررة في حياته، جعلته غير قادر على تجاوزها مثل خسارة شخص عزيز، او مالٍ كثير فقده وغيرها، ولأن حال النفس كحال أي عضو من اعضاء الجسم فأنها تمرض، وأنا واحدة منهم، لكني استثمرت تلك الحالة النفسية بالكتابة، فكتبت أولى الروايات « ما تبقى من ذاتي « والثانية « أمسية» والثالثة «ما زلت أذكر»، حتى طورتها وصرت صاحبة مشروع «حرف فكلمة فكتاب»، ومن خلاله درست «السايكولوجي»، الذي يستخدم قوة الخيال والعقل، والكاتب يستخدم الاثنين معا فالعلمان متقاربان، فبدأت بعلاج الفتيات ودراستهن للأدب وكيفية كتابة رواية ومقال، أي استخدمت العلاج
بالكتابة.
تستطرد سهى حديثها بالقول:» فضلا عن العلاج بالكتابة أعطي دروسا توعوية للمتدربات من النساء وبجميع الأعمار عن كيفية تخطي المشكلات النفسية في الحياة، واستطعت أن أغير من حال أربع آلاف بنت، فكانت النقلة الأولى بحياتي، وحياة عدد كبير من النساء، وكنت أصدر كتبا مشتركة فلكل «40» كاتبة اصدر لهن كتابا من تأليفهن ومن اعدادي وتحضيري، ونتيجة للإقبال على المعهد، قررت افتتاح الاكاديمية الخاصة بالصحة النفسية، وبلشت بمعالجة جميع أفراد المجتمع بشكل رسمي من خلالها».

الإقبال على العلاج النفسي
وعن مدى تقبل المجتمع العراقي لتلك الأكاديمية أوضحت مولود :» لم أكن أتوقع أن يكون الإقبال على ثقافة الاستشارة النفسية، وعلى الأكاديمية بهذا الشكل الكبير، لا سيما أن الشعب العراقي بعد الحرب أو سلسلة الحروب المتوالية على البلد اصبح محتاجا جدا للصحة النفسية، كما أن للسوشيال ميديا دورًا في توضيح علاقة الاستشاري بالشخص، الذي يحتاج العلاج النفسي وهذا الذي ساعدني بشكل كبير على طرحي للأكاديمية النفسية، وان العيادة تستقبل أعدادا كبيرة، وأغلب المرضى يشعرون بالحاجة الملحة لمثل هذه الاستشارة النفسية».

تبعات الحروب
مولود أكدت أنها افتتحت أكاديمية «سهى مولود النفسية» في مدينة سامراء لأنها شعرت بالضرورة الملحة لمعالجة الشعب نفسيا ما بعد الحرب، خاصة أن هذه المدينة تعرَّضت للكثير من النكبات، مبيَّنةً اَنهم يقبلون على مشروعِها، لأن بداخلهِم حاجةً للعلاج النفسي، ليتمكنوا من تنظيم أفكارِهم ووقتهم، ومعرفة سبيلٍ للتخلصِ من صراعِهم مع أنفسهم، كون الحرب فقدت الكثير من الاشخاص العزيزين، وتعرضوا لخسائر بشرية ومادية، بالتالي فقدوا الامان بداخلهم، وبصراحة الذي رأيته في اكاديميتي النفسية من عدد هائل للمراجعين، أشعرني بمدى تعطش الناس لمثل هكذا مكان، لذلك فهم استقبلوا الصحة النفسية والاكثر إقبالا للعلاج النفسي هن النساء.
اما عن ضرورة أو أهمية استشارة الشخص غير القادر على تخطي صعابه لطبيب نفسي، فتقول مولود :» يعد ضرورة ملحة لأن الإنسان لا يجوز أن يأخذ كلَّ الأدوار، أي ليس لأنها أم تأخذ دور الاستشاري، او الحاكم ، والحكيم والمعلم وغيرها، فالابن اذا مرض عضويا، يجب أن يذهب إلى الطبيب، واذا مرض نفسيا ضروري جدا مراجعة استشاري بالطب النفسي، كذلك بالنسبة للأب أو أي فرد من أفراد الاسرة، وبجميع المراحل العمرية، فالطفل بمجرد أن يكتشف وعيه يحتاج للصحة النفسية، كذلك المراهق او المراهقة، لو تعرضا الى صدمة عاطفية او خذلان، ولم يستطيعا تخطي الصدمة، يجب مراجعة استشاري نفسي، والمرأة التي تتعرض للخيانة الزوجية او مسؤولية الأولاد وتدبير شؤون المنزل، ولم تكن قادرة على تحمل تلك الأمور، فيجب استشارة طبيب نفسي، والزوج ايضا الذي يكون غير قادر على تحمل مسؤولية عائلة، ويتعثر في عمله عليه أن يتعالج نفسيا، وحتى المشاهير ورجال الأمن والدولة والاطباء العضوين بحكم ضغط العمل، كلهم يحتاجون الى الاستشارة النفسية في حال تعثرهم في الحياة.