نجاح العلي*
اهتمام وسائل الاعلام والصحفيين في تناول القضايا البيئية بدا يتسع، ويتنامى في السنوات القليلة الماضية جراء كثرة الأوبئة والأمراض وحالات الوفاة جراء تلوث الماء والهواء والتربة، وبحسب الاحصائيات الرسمية، فإن هناك سبعة ملايين حالة وفاة نتيجة تلوث الهواء وأن 90% من الناس يتنفسون هواء ملوثا، ناهيك عن تاثيرات الاحتباس الحراري، التي تؤدي إلى حدوث تغيرات مناخية تؤثر سلبا على حياة الانسان، أهمها الارتفاع المفرط في درجات الحرارة والجفاف والعواصف الترابية والرملية وارتفاع مناسيب مياه البحر، التي تهدد المدن الساحلية بالغرق وغيرها الكثير.
وجود وسائل اعلام أو برامج تلفزيونية وإذاعية أو مواقع تواصل اجتماعي متخصصة بالشان البيئي بات حاجة ملحة لتزويد المواطنين بالمعلومات والأرقام والاحصاءات البيئية، فضلا عن النصائح والارشادات والتوعية والتثقيف في كيفية مواجهة التغيرات المناخية وطرق التخفيف من اثارها والتكيف معها.
العراق لديه خطط وبرامج تم تضمينها في وثيقة المساهمة الوطنية الخاصة بالبيئة التي قدمها العراق رسميا عام 2015 والتي يتم التعديل عليها كل عامين حسب المستجدات في الملف البيئي، والتي تشير إلى أن أهم التحديات البيئية التي تواجه بلدنا هي قلة الواردات المائية في الانهر والجداول وبخاصة نهري دجلة والفرات والتي تغذي المصطحات المائية والاهوار في جنوبي العراق فضلا عن الاعتماد عليها في الزراعة بنسبة 90% فضلا عن الاستهلاك البشري والصناعي وتتوقع وزارة الموارد المائية أن يعاني العراق نقصاً في المياه يصل إلى 10.8 مليار متر مكعب سنوياً بحلول عام 2035 بسبب تغير المناخ وسياسات الدول المجاورة، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان العراق من 44 مليون نسمة حالياً إلى 50 مليون نسمة عام 2030 ويرتفع إلى 80 مليون نسمة في عام 2050، وسينخفض كثيراً دخل البلاد، الذي يعتمد على إنتاج النفط بالدرجة الأولى، نتيجة التوجه العالمي للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، والاعتماد على مصادر طاقة مستدامة ونظيفة، وهذا الامر لا بد من الاستعداد له من خلال الاستغلال الامثل للايرادات النفطية في تهيئة بنى تحتية، وتنويع مصادر الدخل وتغيير أنماط الري والزراعة التقليدية والتحول نحو الري الحديث بالتنقيط أو بالمرشات الثابتة أو المحورية والاعتماد على اصناف من النباتات، التي لا تستهلك كميات كبيرة من المياه وذات انتاجية عالية.
كذلك يعاني العراق من الارتفاع المفرط في درجات الحرارة، وقد تصدرت خمس مدن في جنوبي العراق في صيف 2023 القائمة العالمية اذ تجاوزت درجات الحرارة فيها 50 درجة مئوية، بل وصل بعضها إلى 54 درجة، فضلا عن انخفاض منسوب المياه في البحيرات والأنهار، بسبب التبخر الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة، وتم فقدان 13% من إجمالي المياه العذبة المتاحة في العراق.
شهر واحد فقط يفصل بين مناسبتين مهمتين وكبيرتين الاولى «اليوم العالمي لحرية الصحافة»، الذي يحتفى به منذ عام 1993 في الثالث من أيار من كل عام والمناسبة الاخرى «اليوم العالمي للبيئة»، الذي يحتفى به منذ عام 1972 في الخامس من حزيران من كل عام، واختارت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو شعارا لها هذا العام «الصحافة في مواجهة الازمة البيئية»، نظرا لخطورة التغيرات البيئية على حياة بني البشر، والتي قد تكون سببا كبيرا لانقراضهم اذا لم يتم اتخاذ التدابير والاجراءات الوقائية اللازمة لمواجهتا والتكيف معها.
*اعلامي متخصص بالشأن البيئي