كاميران: الكتب هي المنقذ من معاناة النزوح

اسرة ومجتمع 2024/05/12
...

  سرور العلي 

يقضي الشاب كاميران كمال معظم وقته وسط الكتب والقراءة، في المكتبة التي قام بإنشائها من خلال جمع التبرعات من منصات التواصل الاجتماعي، وفي العام 2014 أجبر القتال في مدينته سنجار على النزوح والفرار إلى المخيمات وترك منزله، وعدم اكمال دراسته في جامعة الموصل، بسبب الحرب القائمة آنذاك.

وفي حديثه لـ»الصباح»، يقول كمال: «الشغف بالكتب كان موجوداً منذ سن صغيرة، في أيام الدراسة، لأنني كنت من المتميزين في جميع المراحل بشهادة الطلبة والأساتذة، لكن الشغف الحقيقي كان بعد التهجير في مخيم النازحين، عندما كنت اشعر بأنني في سجن قماشي أبيض، أو بمعنى دقيق في مصح عقلي، فقد كان لابد أن أقضي وقت فراغي بشيء يجعلني اتحمل صرخات ومعاناة المخيم، لاسيما في السنة الأولى من النزوح ، والإ سأفقد ما تبقى من عقلي، لهذا فالكتب كانت هي المنقذ لي والملجأ».


هدف 

مؤكداً «افتتاح مكتبة في سنجار، هو رسالة واضحة للجميع، نحن سنبني الإنسان قبل المكان، ونحن نسعى للثقافة ودعم المنطقة ثقافياً، وتشجيع الناس على السلام والتعايش والوعي، لا سيما في المدن التي تعرضت لأبشع الجرائم، لهذا ردود أفعال الآخرين، كانت متوقعة نوعا ما، فالكثير دعموا الفكرة، وهناك من انتقذ العمل بسخرية بالغة، بقولهم: «مدينة مدمرة ومكتبة كتب مجانية، أمر مضحك جدا!».


تحدٍ 

واجه كمال العديد من الصعوبات ومنها، تدهور الوضع المادي له، فهو يملك الكثير من الأفكار المبدعة والمشاريع، التي تساهم بنهضة المجتمع والرفع من وعيه، ولكن ينقصه المال والدعم، وبالإصرار والعزيمة تمكن من التغلب على المصاعب والمخاوف، والمضي بطريق النجاح وتحقيق الطموحات


طموح 

وأشار إلى أن لكل إنسان هدفا شخصيا وجماعيا، ويطمح أن تكون له دار نشر ومؤسسة ثقافية، تخدم منطقته والمناطق المتضررة من الحرب، أما الهدف الجماعي، والذي جميعنا نسعى إليه هو السعي بالنهوض لثقافة البلاد، ودعم وتشجيع الأجيال القادمة، لقراءة الكتب الورقية، وتشجيعهم على فتح مكتبات كتب، والاهتمام بهذا الجانب.

مضيفاً «في كل يوم حين أذهب للمكتبة أسير بالمدينة القديمة المهدمة 

بالكامل، وعندما أصل يأتي الأشخاص، فيستعيرون الكتب مجاناً، ويطالبونني بشرحها لهم، وهذا يعطيني الدافع للاستمرار، بالرغم من كل هذا الدمار، الإ أن هناك قراء يحتاجون الكتب لقراءتها في منازلهم».

نظام 

وتعمل المكتبة التي أطلق عليها اسم «اورشينا»، بنظامين وهما، البيع المباشر لمن يرغب بالشراء، ونظام الاستعارة المجانية، فتستعير كتاباً لمدة اسبوع أو اسبوعين ثم إرجاعه، وشارك كمال من خلال مكتبته بالكثير من الفعاليات الثقافية، ونظم مهرجانات وجلسات وندوات، وشارك في العديد منها بمختلف المحافظات، وفي الاقضية والنواحي والقرى، التي تفتقد للمكتبات والكتب.


تكريم 

نال كمال عدة جوائز وتكريمات ومنها، جائزة الحلم الذهبي في الموسم الأول، ودرع المدافعين عن حقوق الإنسان، من قبل مركز الخليج العربي، وتكريم من مؤسسة المدى خلال معرض العراق الدولي للكتاب وعلى مدى عامين، وتم تحويل قصة المكتبة إلى فيلم وثائقي في لبنان، ونال أفضل قصة نجاح في المناطق النائية، بحسب تقرير dr1 الدنماركية، إضافة إلى حصوله على الكثير من شهادات التقدير من منظمات محلية ودولية، ووكالات إعلامية، وبحسب قوله فأنه لا يفكر أو يهتم بالحصول على جوائز، لأن القارئ هو أكبر جائزة يكسبها في مكتبته.

وختم كمال حديثه بالقول: «أتمنى من الآخرين أن يخصصوا وقتاً للقراءة، والاهتمام بالكتب والمثقفين والوقوف إلى جانبهم، ونشر ثقافة الإطلاع والتشجيع عليها، كونها خطوة مهمة في بناء المجتمع.