وليد خالد الزيدي
لا يمكن تصور تنمية صناعيَّة رائدة في العراق من دون قطاع نقل سريع وناجز يربط مناطق المواد الأوليَّة بمواقع العمل ثمَّ التحوّل السريع إلى الأسواق المحليَّة والعالميَّة بهدف إتمام الاقتصاد المتكامل ليُسهم بتحقيق أهداف التنمية الوطنيَّة الشاملة وفي ظلِّ تطلعات وزارة النقل من خلال الشركة العامة للسكك الحديد وخططها لنقل ملايين المسافرين سنوياً عبر طريق التنمية لتشمل خطوطها جميع المحافظات وبخطوة لاحقة واستحصال عائدات ماليَّة وفيرة من هذا الطريق حتى قيل إنه سيضاهي منافع القطاع النفطي.
على الرغم من أنَّ قطاع النقل بوساطة السكك الحديد في العالم بدأ مطلع القرن التاسع عشر لكنه وصل متأخراً إلى العراق، فقد كانت بلجيكا هي الدولة الرائدة في الثورة الصناعية في أوروبا التي قدّمت نموذجاً مثالياً في مجال السكك الحديد ليكون ذا أثر إيجابي بالغ في تسريع الثورة الصناعية التي حدثت في القارة الخضراء قبل غيرها حتى غدت تلك الدولة من أهمِّ المساهمين الرئيسين في تنمية السكك الحديدية في وقت مبكر من تاريخ قطاع النقل الدولي، بينما دخلت السكك الحديد للعراق مطلع القرن الماضي أثناء التواجد البريطاني وامتدت عبر خطوط شبكة السكك من جنوب العراق إلى شماله ثم بدأ قطاع النقل الوطني مؤخراً بإعادة وتجديد وتطوير واستحداث العديد من خطوط الشبكة وقاطرات الركاب والبضائع وتوسيعها لربطها ببعض دول الجوار وعلى رأسها تركيا فضلاً عن التخطيط لإضافة مشروع مترو بغداد وهو الأول من نوعه في العراق.
القائمون على قطاع النقل بوساطة خطوط السكك الحديد يدركون جيداً ضرورة الوصول إلى ما أصبحت عليه تلك الخطوط لتسريع حركة النقل في كلّ أنحاء العالم بالنسبة لحمل السلع ونقل المسافرين والتي حققت أرقاماً متصاعدة مقترنة بما قدمته التكنولوجيا والتعامل الحسن مع مصادر الطاقة لتشغيل القاطرات فضلاً عن الطرق الحديثة لبناء السكك الحديدية في أماكن لم تكن القنوات القديمة قادرة على العمل فيها أو تجسيدها بشكل ملحوظ حتى بلغ حدّ التنافس الدولي لامتلاك أفضل طرق وخطوط النقل عبر القاطرات المتطورة سواء على مستوى السرعة أو كمية المواد المشحونة فيها ومستوى الخدمات التي تقدمها للذين يستخدمونها فضلاً عن نوعية وقود التشغيل الذي تستعمله.
وعلى ما يبدو ومن خلال مؤشرات وزارة النقل أنها اطلعت على عدة مقترحات للتصاميم الخاصة بالشركة المصممة لمشروع خطوط سكك الحديد في العراق لتأتي وفق مسارات طريق التنمية الذي يخطط العراق لإنجازه على أرض الواقع ووفق معطيات دقيقة ومدروسة ومسار يبدأ من ميناء الفاو جنوب العراق وصعوداً إلى شمال الوطن مروراً بعشر محافظات وصولاً إلى محافظة دهوك في أقصى الشمال حتى بلوغ الحدود مع تركيا ليصل إلى (1200) كيلو متر في وقت حسمت فيه القضايا الفنية والتعارضات في معظم تلك المسافة وما تبقّى لا يشكل عائقاً فنياً أمام إنجازه بشكل سليم وأبرز ما فيه تشغيل قاطرات سريعة تعمل بمعدل أربع ساعات في اليوم لنقل المسافرين فضلاً عن (12) ساعة لنقل البضائع والحاويات بالإضافة إلى ساعات للصيانة اليومية الحتمية ذلك لكون خطوط النقل الفائقة السرعة يجب أن تكون صيانتها متوازية مع توقيتات عملها بشكل متواصل.