عجيبة ديمقراطيَّة

آراء 2024/06/09
...

 طالب سعدون

لم تعد العجائب السبع التي أنشئت قبل الميلاد بقرون، تصلح أن تكون من العجائب بعد الميلاد ومع ذلك ذهبت مثلا يقال إلى اليوم والى ما شاء الله للارض أن تدور.. لقد ظهر ما هو أكثرعجبا وبالملايين من تلك السبعة، خاصة أن بعضها ذهب إلى العدم أو أصبح من الاطلال والآثار، كبابل والاهرامات، ومع ذلك استمرت السبعة إلى اليوم تتردد على الألسن في مناطق العالم المختلفة وليست محصورة في منطقة أو منطقتين.

وهناك الآن جهات وافراد وناشطون يعنون بهذا الجانب من الابداع البشري، وليس ابداع الطبيعة فقط على مستوى العالم كله، وسينتهي الجديد حتما ليحل محله جديد آخر، وما هو أعجب منه، وهكذا على مدار الحياة المليئة بالغرائب والأعاجيب.

العجائب لا تقتصر على مجال بعينه.. هي مفتوحة لكل شيء.. وقد دخلت الديمقراطية هذا العالم الغريب لكثرة ما ارتكب فيها من أعمال تخالف طبيعتها وتدعو إلى العجب.. على سبيل المثال.. هناك دول كثيرة تدعي أنها ديمقراطية ومنها من تزعم أنها (راعية) لها على مستوى العالم، كله وتذرعت بها في حملات عسكرية وحروب مدمرة واحتلالات ضد دول أخرى. 

هناك ممارسات تحسب على الديمقراطية وهي ليست منها وهي كثيرة ليس مجالها الآن. 

يمكن أن تكون أمريكا بلد العجائب ليس فقط في الابتكارات والاكتشافات والمعالم العمرانية والحضارية والفضاء والذرة والتكنلوجيا والجرائم ايضا وغيرها بل في الديمقراطية التي تعد بالنسبة لسكانها نظام حياة متكاملا وليس نظاما سياسا فقط. 

كيف يستقيم هذا الادعاء مع ممارسات تتناقض مع الديمقراطية ؟

الا يدعو ذلك إلى (العجب الديمقراطي) ؟.

ومن نوادر وعجائب الديمقراطية ليس في امريكا فقط بل في (العالم الديمقراطي)، كله ان يكون دونالد ترامب مرشحا للرئاسة الامريكية من جديد عن الحزب الجمهوري مقابل الديمقراطي بايدن، وعليه أربع قضايا تحتوي على 91 تهمة وعليه أن يحضر اربع مرات في الاسبوع إلى المحاكم، ومن بين تلك القضايا قضية مانهاتن في موضوع رشوة أو ما يعرف بقضية ستورمي دانييلز وكانت على علاقة به قبل حملة الرئاسة 2016 واتهمته انه منحها 130 الف دولار من الحملة الانتخابية، مقابل صمتها وعدم اثارة القضية من جديد.. خلاصة القضية انها تتعلق بموضوع لا يجوز السكوت عنه أما العلاقة الشخصية فهي قضية 

أخرى.

وفي كل الاحوال فإنه معرض للحكم أما بالغرامة، إذا كانت الامور بسيطة أو بالحبس 4 سنوات أو أكثر إذا كانت خطيرة. 

لكن الأعجب في الموضوع ان ترامب لا يزال يحظى في استطلاعات الرأي بجمهور كبير، ويتقدم على بايدن وفي ولايات تعد من ساحات المعركة الانتخابية الاساسية، وربما يزيد ذلك من احتمالات فوزه في الانتخابات حتى وان حكم عليه بالسجن.  

ومع ذلك لم يكن بايدن اكثر حظا أو اقل عجبا من ترامب، التي خرجت جامعات بلاده ضده لمشاركته في حرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة وستؤثر عليه في الانتخابات.  

لكن ما يجمع الاثنين أنهما من (كبارالسن)، وتلك من غرائب الديمقراطية ان يحكم بلدا بهذه القوة والامتداد في العالم رجل عجوز، ربما لا يكمل ولايته الثانية اذا ما فاز واقصد ( بايدن ) وهو الأسوأ حظا في المقارنة العمرية (81 عاما ) من منافسه، الذي يقل عنه بقليل ( 77 عاما ).

 هذا يؤكد راي جان جاك روسو ان صناديق الانتخابات ليست دائما هي رصيد الديمقراطية الحقيقية، بل إن وعي الناس هو الرصيد. 

واعجب العجب في الديمقراطية عندما يغيب الوعي، وينسى الناخب كل ما قيل ويقال امام صناديق الانتخابات أو يكون امام خيار واحد وهو ان يختار واحدا من اثنين، لا ثالث معهما، وربما سيكون أحلاهما مرا.