حمزة مصطفى
في السياسة وطبقا لمقولة تنسب للسياسي البريطاني الداهية وقائدها إلى النصر في الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل، بأنه «لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، بل مصالح دائمة».
ولأن تشرشل كان رئيس وزراء الإمبراطورية التي لا تغيب عن أرضها الشمس يشتغل سياسة فإن رؤيته لها تنبع من المصلحة التي هي الدائم الوحيد في السياسة.
لا الصداقة ولا العداوة يشتغلان في سوق السياسة، الذي يحتوي على كل شيء، بدءا من المثل العليا إلى المؤامرات والانقلابات وما بينهما من أساليب ملتوية حينا وجارحة حينا آخر، مخفية حينا وصارخة الوضوح، حينا آخر طالما أن الملعب مفتوح ويتسع لكل اللاعبين شريطة أن يجيدوا كل أنواع اللعب والمناورات، بل حتى المؤامرات ما ظهر منها وما بطن ماعدا «الجقلمبات».
ولأننا شهود على مرحلة بحلوها ومرها طوال العقدين الماضيين من الزمن رأينا الكثير من كل شيء، ماعدا القليل بل النادر مما يقع في خانة ماهو سياسي.
وإذا عدنا إلى مقولة ونيستون تشرشل، فإن السياسة تقوم بالدرجة الأولى على مبدأ المصلحة.
بمعنى لا يوجد في العمل السياسي ما يمكن أن يقع في خانة «الصداقة» أو «العداوة» بل المصلحة أولا وأخيرا.
لكن لو طبقنا مثل هذه الشروط التي هي بسيطة وشديدة الوضوح على عمليتنا السياسية بعد عام 2003، فإننا نجدها بعيدة كل البعد عن مبادئ العمل السياسي، بمعناها الصحيح والواضح والمعمول به في كل أنحاء الدنيا.
فنحن وعكس كل العالم الذي يشتغل في السياسة تقوم عندنا السياسة على وفق مبدأ غريب ومفتعل، وهو الولاء المطلق أو العداوة المطلقة مع أن المساحة التي يعمل فيها الطرفان لا تستوجب لا الولاء المطلق ولا العداوة المطلقة، التي تجعل من الطرفين خصمين أبديين دون منطق أو مبرر منطقي أو معقول.
فهناك من لا يريد فلانا لأنه أبيض أو أحمر، بينما السياسة ليس فيها ألوان قاطعة وثابتة.
وهناك من يتحالف مع هذا الطرف اليوم ليكون في اليوم التالي في صف الطرف الآخر، دون أن ينبني ذلك على مبادئ عمل أو سياقات واضحة أو حتى فلسفة سياسية، تجعل من كل طرف يتمسك بثوابته أو مبادئه.
ففي معظم دول العالم هناك موالاة ومعارضة، بينما نحن موالاة حين نريد ومعارضة حين نريد.
وفي العالم يمين ويسار، فلا اليمين ينتقل لليسار ولا اليسار ينتقل إلى اليمين «جقلمبيا».
وفي العالم محافظون متشددون أو ليبراليون مرنون، وكل واحد منهم متمسك بثوابته السياسية.
لا المحافظون يتخلون عن نهجهم ولا الليبراليون يتخلون عن ليبراليتهم.
ومع أنهم متمسكون بما لديهم من ثوابت، لكنهم ليسوا من الطراز الذي يمكن إن يقال عنهم فرحون بما هم عليه.
فالعمل العمل السياسي عندهم لا يقوم على مبدأ، اذهب معك لـ «اللوحة» أو.. أتوضأ قبل أن أنطق
اسمك.