ياسر المتولي
تولي الدول المتقدمة جلّ اهتمامها في تحقيق هدف الحفاظ على حقوق الأجيال من ثروات البلد وتعدّها خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه لأيِّ سبب كان.
أكثر ما يشغلني خلال هذه الفترة كمهتم وباحث في الشأن الاقتصادي وأنا أتابع المتغيرات المختلفة التي تضرب الاقتصادات العالمية ومدى تأثيرها في اقتصاد بلدي هو البحث عن إجابة شافية عن سؤال يتعلق بحقوق الأجيال المقبلة من ثروات البلد.
من المعروف لأغراض البحث والتحليل أنَّ النفط المصدر الرئيس والأساس لثروات البلد والبقية غير مستثمرة.
والسؤال هو ما السبيل الأمثل للحفاظ على حقوق الأجيال من هذه الثروة (النفط) طبعاً؟
يأتي هذا السؤال غداة ما تشير إليه التوقعات الصادرة عن الخبراء والمراكز البحثية والدراسات العالمية من أنَّ مادة النفط في طريقها للنضوب أي النفاد وأنه في العام 2050 سيتم الاستغناء تماماً عن استخدامه أي (النفط) مصدراً رئيساً لتوليد الطاقة بعد التوصل إلى بدائل تعوض عنه بكلف أقل وبمواصفات تعنى بالبيئة ولك أن تتصور حجم الكارثة في حال صدق المنجمون (الخبراء).
وها هي بوادر المباشرة بالاستعاضة عن النفط كمصدر للطاقة التي تتمثل بظهور السيارات التي تعتمد على الطاقة الكهربائية المتولدة عن بدائل النفط كمؤشر يُنذر بحقيقة الاستغناء عن النفط وفي الأفق الكثير من التجارب والمحاولات حيث معيار الوقت يقاس بتسارع الزمن لبلوغ الهدف.
وهناك انقسام في الآراء بين من يرى ضرورة الاحتفاظ بالثروة النفطية تحت الأرض، بينما الرأي الأرجح هو رأي ثان يذهب إلى ضرورة استثمار المخزون وتحويله إلى مشروعات المستقبل (ستراتيجية) تؤمّن حقوق الأجيال والاستفادة من الأسعار المجزية والمغرية في هذه الفترة وفترات الأزمات لهذا الغرض.
مع أنَّ التحفظ الوحيد الذي يبرز أمامي وبرؤية تحليلية هي من الذي يضمن استثمار إيرادات الثروة في مكانها الصحيح أي مشاريع المستقبل؟ وهل نمتلك رؤية واضحة بشأن المشاريع الستراتيجية وحجمها ونوعها التي تؤمّن حقوق الأجيال؟
هنا التحدي الذي يأتي في ظل حاجة العراق لإعادة بناء لبناه التحتية المتهالكة، لذلك فالأمر يتطلب النظر ملياً بكيفية سير عمليات إعادة البناء بالتوازي مع هدف مشاريع المستقبل (الستراتيجية) ذات الصلة بحقوق الأجيال لكي نضمن تحقيق الهدف وهنا ستكون مسؤولية خبراء الاقتصاد وبيوت الخبرة الاقتصادية ببيان رؤاها في مؤتمر متخصص وتبرز مسؤولية الدولة في رعايته من أجل إنضاج رؤية وإرادة لضمان حقوق الأجيال، نتابع لنرى كيفية البحث في تأمين حقوق الأجيال من الثروة الناضبة.