طفلي لا ينام؟

منصة 2024/06/11
...

 سريعة سليم حديد

 

النوم بشكل طبيعي للطفل حاجة ملحة يجب توافرها، وخاصة أنه يقضي وقتاً طويلاً أمام الحاسوب أو الهاتف النقال أو الأجهزة الالكترونية الأخرى، هذا ما يجعل نومه مضطربا وقلقاً وقد يتحوَّل مع مرور الوقت إلى حالة مرضية، لا يحمد عقباها، فضلاً عن أنه يمكن أن يكون الطفل مصاباً بأحد الأمراض التي تسبّب له القلق في النوم بطبيعة الحال. ويعد اضطرابات النوم عند الأطفال هي كل ما يؤثر في نومهم سواء كان قبل النوم أم في أثنائه. ويمكن أن يمرَّ وقت طويل وهو يتقلَّب مستدعياً النوم.

من المهم تجنب إثارة المشكلات العائلية أمام الطفل، فهي تسبب له الأرق وعدم التركيز في شؤونه الاجتماعية والمدرسية أيضاً، كذلك أفلام الرعب من شأنه أن يوتره، ويجعل نومه حالة غير مستقرة، كما يمكن لتهديد الطفل أن يترك أثراً سلبياً في نفسه، كأن يُقال له: "إن لم تذهب إلى النوم، فسوف ينزل بك والدك عقاباً شديداً". هذا الترهيب يصبح عائقاً كبيراً أمام وصول الطفل إلى النوم، وأيضاً سماع الطفل بعض الحكايات التي تثير الخوف والرعب في داخله، مما يجعله قلقاً ولا يتمكن من النوم كما يجب.

هناك حالات كثيرة من أنواع اضطرابات النوم عند الأطفال وخاصة في عمر ما بين ثلاث إلى ثماني سنوات منها الرعب الليلي الذي هو عبارة عن نوبات متكررة وغير كاملة تصيب الطفل عندما يكون نائماً.. تترافق بقلق شديد بعد فترة وجيزة من النوم، فقد يصاب الطفل بالهلع، فيصرخ، وتزداد دقات قلبه ويصاب بالتعرّق وسرعة التنفّس، ويحتاج لوقت قصير حتى يصحو بشكل كامل، وقد يتذكر بعض التفاصيل التي حدثت معه. أما الكوابيس التي هي أحلام مخيفة فهي قد تنتاب الطفل أثناء النوم، فيستيقظ إثرها مرعوباً، ولكن هذه الحالة لا تشكل قلقاً بالنسبة لصحة الطفل، إلا في حال أنها تكرَّرت بوتيرة أعلى، وخاصة عندما يشاهد أفلاماً مرعبة وغير ذلك مما يثير اضطراباته ومخاوفه، فيمكن للأهل ضبط هذه الحالة من خلال مراقبتهم لسيرورة حياته اليوميَّة.

وعن المشي أثناء النوم التي هي حالة قد تصيب الطفل، فيقوم من سريره ويمشي، وهو نائم، وعندما يستيقظ بشكل كامل، لا يتذكَّر شيئاً، ولهذه الحالة العديد من المخاطر، فقد يصطدم بالأبواب أو الزجاج، أو قد يسقط أو يلمس شيئاً حاداً، وهو ما يدعو الأهل إلى اتخاذ الحيطة والحذر من أجل حماية طفلهم قدر الإمكان. وغالباً ما تتلاشى مشكلة أحلام الرعب والمشي أثناء النوم عند الأطفال من دون علاج، وقد يستمر ذلك الأعوام وبوتيرة ضعيفة، ولكن إذا استمرت تلك الحالات إلى عمر المراهقة، فهنا البحث عن العلاج أمسى أمراً ضرورياً.

ويعد الكلام عند النوم حالة عادية، ولا تشكل أية خطورة على الطفل، فقد يجري حواراً بينه وبين نفسه، وهو نائم، ويتكلَّم بألفاظ غير مفهومة، وهذه الحالة تزول مع الوقت.

قد تكون هناك بعض الأمراض الجسديَّة التي تلعب دوراً قوياً في اضطرابات النوم عند الأطفال منها مثلاً: الزكام أو الزوائد الأنفية أو التهاب اللوزتين أو البلعوم والصدر، والعديد من الأمراض التي تسبب اضطرابات النوم، وهذا أمر طبيعي ناتج عن تلك الأمراض، فبمجرَّد استعادة الطفل لصحته الطبيعيَّة فسوف يخلد إلى النوم بشكل جيد.

وقد يشخر الطفل نتيجة عدم تنفّسه بشكل جيد، هذا ما يدلُّ على انسداد في مسالك التنفس أثناء النوم وفي هذه الحالة انقطاع التنفس قد يؤذي الطفل. ولكن ليس بالضرورة أن كل طفل يشخر في نومه مصاب بمرض انقطاع التنفس الانسدادي.

قد يترك اضطراب النوم عند الأطفال بعض الأضرار على صحة الطفل منها مثلاً: عدم القدرة على التركيز، اضطراب الذاكرة، والذكاء، عدم المقدرة على الانتباه بشكل جيد، وبعض الاضطرابات السلوكية التي يمكن  اكتشافها بشكل ملحوظ، مثل: فرط الحركة والاضطرابات في تشكيل العلاقات الاجتماعية، كذلك يمكن أن يقوم الطفل ببعض التصرفات العنيفة تجاه من حوله.

إنَّ حدوث اضطراب النوم عند الطفل، يجعله سريع الغضب، يميل إلى العدوانية في التعامل مع الآخرين، ويشعر طيلة نهاره بالكسل والحاجة إلى النوم، كما يحدث له اضطراب في الذاكرة، مما يؤدي إلى تراجع تحصيله العلمي، فإذا لم يحصل الطفل على ساعات نوم متواصلة فلن يصل دماغه إلى الراحة المطلوبة ومن ثم عدم توفير الراحة للجسم بشكل كامل..

إنَّ محاولة تعويد الطفل على النوم المبكر والاستيقاظ المبكر أيضاً، وبشكل روتيني، عبر تحديد ساعة النوم وساعة الاستيقاظ، ينشط لديه الساعة البيولوجية. ومن المهم توفير فراش مريح للطفل، وكذلك غرفة مناسبة تكون إنارتها خافتة ومريحة، ومن الأفضل الاستغناء عن الإنارة الكهربائية، على أن تكون الإنارة طبيعيَّة تأتي من نافذة الغرفة، وخاصة عند ظهور القمر. ومن المستحسن أن يكون الطفل مرتدياً ثياباً مريحة للنوم أيضاً. وعدم استعماله الجوال قبل النوم لأنَّ أشعته قد تسبب له القلق، مما يجعله يتقلَّب كثيراً حتى ينام.

هناك علاجات لا بدَّ منها، إذا اكتشف الأهل أن طفلهم مصاب بتضخم اللوزتين، فمن الممكن إجراء علاج جراحي أو غيره من أجل استعادة التنفّس والحالة الصحيَّة لطفلهم بشكل سليم، وهذا ينطبق على كل الأمراض التي من شأنها أن تسبب ضيق تنفّس الطفل. وعند تفاقم الوضع التنفّسي للطفل، فلا بدَّ من تزويده بالأكسجين أثناء النوم.

وبهذا فإنّ علاج اضطرابات النوم عند الأطفال يقع بالدرجة الأولى على عاتق الأهل، باستطاعتهم ضبط تلك الحالة قدر الإمكان من خلال اتباع بعض التدبيرات الممكنة التي من شأنها توفير حالة نوم سليمة لطفلهم.