يحل علينا بعد أيام عيد الأضحى المبارك ..لكم منا فيه ازجى التهاني والتبريكات وخالص الدعاء بحياة يسودها الأمان والسلام.. والتسامح.
والتّسامح، أيها الأحبة، موضوع شغل رجال الدين والفلاسفة والمفكرين.. وكلهم يتفقون على أن التسامح هو القدرة على العفو عن الآخرين، وعدم مقابلة الإساءة بإساءة مثلها، والحرص على التمسك بالأخلاق الراقية التي حثت عليها جميع الأديان واعتبرته قيمة انسانية عظيمة لاسيما الاسلام الذي حوله الى واقع يتعامل به المسلم في حياته اليومية العملية ، يكفي ان نستشهد بقول الأمام علي (إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه). حتى الشعراء دعوا الى التسامح في مقدمتهم احمد شوقي..القائل :
(تسامحُ النفس معنىً من مروءتها…بل المروءةُ في أسمى معانيها). بل العالم ايضا.. حدد يوما دوليا للتسامح هو 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، دعت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء الى الأحتفال به جماهيريا ورسميا.
ما يعنينا هنا.. امران: تبيان فوائد الصحة النفسية لك أنت، وتصحيح مفاهيم خاطئة عند العراقيين بخصوص التسامح.
لنبدأ بالثانية.
إن المفهوم الشائع عن التسامح عند العراقيين، وربما غالبية العرب، يعني التنازل عن الحقوق بذل ومهانة، وإن الضعيف فقط.. أو المضطر هو الذي يسامح، إن من يتنازل عن اساءة ولم يردها بأقوى منها..لا يكون محترما بين الناس، ولا بين افراد عائلته.. وأنه يشجع الآخرين على الإساءة له، ويشاع عنه بين الناس بأنه (جبان) وألفاظ أخرى أنتم تعرفونها.
إن متابعتنا لسلوك العراقيين في الأربعين سنة الأخيرة، تفيد بأن الأحداث التي عاشوها فيها قد أشاعت بينهم (ثقافة الكراهية).. وإنه قد حان الآن أن نشيع ثقافة التسامح.. منطلقين من حقيقة أن مسامحة الآخرين ليست فضيلة فقط، بل ضرورة لصحتك النفسية.. اليك أربعة منها:
شعورك بالسعادة، لأنك ستجد هناء وطيب عيش وشعورا دائما بالرضا.
ستكسب محبة الناس وثقتهم، لأن المتسامح يحبه الناس ويجدون فيه الشخص اللّين، الذي يتعامل معهم بلطف وإحسان.
سيستقر وضعك الأسري، وستشعر زوجتك بالأمان والمحبة، ويطمئن لك الأولاد.. ويحبونك ويحترمونك ولا يخافون منك.
سيجلب لك التسامح الخير الدنيوي، لأن الناس يحبون المتسامح الهين اللين، فيميلون إلى التعامل معه في البيع والشراء.. وستحمد الله وتشكره في السرَّاء والضراء.
ونضيف خامسة.. إن التسامح يساعدك على تصحيح أخطائك وشعورك بالإحراج والذنب، ويمنحك راحة البال.
ليس هذا فقط.. بل إن التسامح يساعد على إشاعة الصحة النفسية على صعيد المجتمع، اليك أربعة منها:
يزيد التسامح من رقي الأشخاص الذين يقابلون الإساءة بخلق التسامح، وتصبح قلوبهم ممتلئة بالخير، وستكون نفسياتهم سوية طبيعية، بعيدة عن الكره والحقد والأمراض النفسية.
سيساعد التسامح على الحد من المشكلات بين المحبين والأصدقاء، وغلق باب سوء الظن وفتح باب التماس الأعذار.
يقضي التسامح على ( الحول العقلي)، الذي يرى صاحبه انه على حق والآخر على باطل.. ويشيع ثقافة الرأي والرأي الآخر والتعايش السلمي، ويغلق أبواب الحقد والكراهية العنصرية.
التسامح يجعل الناس تدرك أهمية الثقافة والعلم في تطور المجتمع وإعمار الوطن..
ونزيدها خامسة ايضا بالقول.. ما أن يجرّب الناس التسامح في ما بينهم، حتى يدركوا أن التسامح هو لغة السعادة، وطوق النجاة من الغرق في طوفان المشكلات والأحقاد والعداوات.
ختاما عزيزي القارئ، تأكد أن التسامح صفة العظماء والأقوياء والنبلاء والطيبين والمحبين لوطنهم .. لا سيما اذا كان الوطن كالعراق... يمتلك كل المقومات لأن يعيش أهله بكرامة وسعادة!.
وكل عيد والعراق وأهله الطيبون.. بخير وسعادة ومحبة وأمان.