الغدير إيضاحٌ وبرهان

آراء 2024/06/23
...

 عصام كاظم جري 


قيل الكثير عن «عيد الغدير»، ولكن أجمل ما قرأتُ عنه هو إعلان محبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب «عليه السلام» وبلا أدنى شك يوم الغدير عيد لكلِّ المسلمين دون تمييز بين طائفة وأخرى، ولا بدَّ من توّظيف هذه المناسبة بالإتجاه الصحيح . 

من أخلاقيات كل مسلم درء الفتنة الطائفيّة بين أبناء البلد الواحد، وتفعيل آليات التعايش السلميّ والأهليّ بين القوميات والمذاهب،

ويقينا أن الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام»، هو للمسلمين وغير المسلمين جميعا، وهو أيقونة الوحدة الإنسانيّة الخالدة بكامل معانيها قبل كلِّ شيء، وحديث الغدير إيضاحٌ قد روي في عدة مصادر موثوقة عند الفرق الإسلاميّة كافة، إذاً لنجعل من هذا البرهان فريضة للارتقاء بالمستوى الفكريّ والعلميّ والأخلاقي ونبذ العنصريّة والجهويّة، ومتابعة العمل المؤسساتي في أغلب حيثياته والسمو به نحو الأمثل . إن الحكومات المعاصرة والحديثة بدأتْ تنشغل بمفهوم ترسيخ الجانب الإنسانيّ والثقافيّ والعلميّ والخدميّ، والعمل به وفق نظريات تنمويّة فاعلة، من خلال إنشاء بنية تحتية ومنظومة خدميّة صلبة وإقامة برامج صناعيّة ومبادرات إنتاجيّة ونوعيّة وتوعويّة يستفيد منها الناس برمتهم . 

وبمناسبة عيد الغدير ومن هنا أطلق صوت المناشدة لرئاسة مجلس النواب والحكومة العراقيّة وأصحاب القرار باستحداث بعض القرارات السريعة والجريئة نوعًا ما والتي تتناسب مع أفراح الأعياد الدينيّة والوطنيّة، مثلا في(عيد الغدير ) وعلى سبيل الذكر ممكن جدا أن يُشرّع قرارا بإسقاط بعض الديون المترتبة في ذمة المواطنين من أبناء الشعب نتيجة لتدهور الوضع المعاشي لهم، أو يُشرّع قرارا بمكافأة مالية بسيطة لأصحاب الدخل المحدود، لاسيما وأن العراق بلد غني بثرواته النفطية الهائلة وموارده الطبيعيّة الأخرى، او إصدار قانون العفو العام يشمل فئات محددة في داخل السجون، بالحقيقة هذه الأفعال تعدُّ مشاركة وجدانيّة وإنسانيّة ترفع من نسبة ولاء المواطن لوطنه وحكومته وأهله من جهة وتُعلن هوية المحبة والسلام والوفاء ورد الجميل بالمعروف من جهة أخرى، ولا شك أن إصدار مثل هذه المبادرات في الأعياد ستكون علامة فارقة في سجل الحكومات التي تعمل بمبدأ التخفيف من عبء المواطن والذي بدأت معاناته تدب في أعماق الروح، وبالعموم إن قلب الحكومة يسع لكلِّ الأنقاض الصدئة فوق تراب الوطن . نعم هذا هو نهج علي بن أبي طالب (عليه السلام ؟ والذي عرفناه بالفطرة قبل الكتب والمصادر والبراهين، ويقينا مثل هذا العمل سيسهم في التّغيير النوعيّ للمواطن والحكومة معا، ويؤكد بعض خبراء علم النفس من خلال الدّراسات أن التّشجيع والثقة يسهمان إسهاما كبيرا في رفع مستوى الروح المعنويّة للإنسان أينما كان .ولا يفوتني أن أدعو المسلمين كافة باستثمار هذه المناسبة والفرصة العظيمة في مواجهة الطغيان والجبروت وحكم الظالمين والمتسلطين والفاسدين أينما كانوا، وأن يحذوا حذو إمامهم (عليه السلام) في معاملة نظرائهم من الخلق لاسيما الأيتام والأرامل والمعاقين والأطفال وكبار السن من كلا الجنسين .