قراءة في رسالة الإمام علي {ع} إلى مالك الأشتر

منصة 2024/06/24
...

 أكسفورد: محمد رضا المطيري  

كانت ومازالت القيادة موضع اهتمام الإنسان والشعوب وسبب أساسي في قيام حضارات وانهيار اخر، ورفعة شعوب وذلتها، بل وأنها تكفلت برسم صور نمطية عن مجاميع أو دول فكان كافياً أن تعرف القائد لتعرف رعيته.
من هذا المنطلق فإن تأسيس الأدوار القيادية في العالم الحديث لم يخرج من قبضة العلم، لفهم كل علومه، ومنها الاجتماعية والسياسية والاستراتيجية والنفسية. رؤية القائد لنفسه أولا ولمؤسسته وأهداف مرؤوسيه وقدرته على توليف الاختلاف والتفاوت بين الأفراد في سبيل هدف مشترك هو أساس كونه قائداً.

ولكن قدرته على صنع قادة لا تابعين هو ما يجعل الأهداف أوسع وتحقيقها أسهل. ثم أن تغير الظروف والأهداف والطرق حتم على القادة أن تكون لهم وجوهاً متعددة وجوهر واحد.
إذ أن كل مرحلة يكون فيها القائد على علم بما حوله سيجد طريقا أقصر وأنجع لتحقيق الهدف.
وكما أن القادة العظماء هم من جمعوا الفن بفهم الناس وخباياهم إذ اسماه العلم بالذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) وعلوم القيادة السياسية والاقتصادية …. إلى آخره. كل حسب مجاله. في نص رسالة الإمام علي بن أبي طالب وجد الكاتب وجوهاً قيادية وضحها لمالك الأشتر حين ولاه على مصر. إن القائد على استعداد لكل متغيرٍ، ولكل من رعيته مطلب مختلف في الشدة والرخاء. كتبت هذه الرسالة قبل 1400 عام وما زالت علوم القيادة تجد تطابقاً بالأدوار القيادية الرائدة حتى يومنا هذا. في رسالته عالية المضامين والتي ستبقى بقاء الإنسان على وجه الأرض، 30 شكلا من علوم القيادة الحديثة وأنواعها وجدها الكاتب خطت بأخلاقية عالية وأدب عال وفصيح وهي:

1. القيادة المتواضعة (Humble Leadership): "فَلاَ تُشْخِصْ هَمَّك عَنْهُمْ، وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّك لَهُمْ، وَتَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لا یصِلُ إِلَیك مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُیونُ، وَتَحْقِرُهُ الرِّجَالُ; فَفَرِّغْ لاُولَئِك ثِقَتَك مِنْ أَهْلِ الْخَشْیةِ وَالتَّوَاضُعِ، فَلْیرْفَعْ إِلَیك أُمُورَهُمْ، ثُمَّ اعْمَلْ فِیهِمْ بِالْاِعْذَارِ إِلَی اللهِ یوْمَ تَلْقَاهُ، فَإِنَّ هَؤُلاَءِ مِنْ بَینِ الرَّعِیةِ أَحْوَجُ إِلَی الْاِنْصَافِ مِنْ غَیرِهِمْ. وَکلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَی اللهِ فِی تَأْدِیةِ حَقِّهِ إِلَیهِ".

2. القيادة الرحيمة
(Compasionate Leadership): "وَاَشْعِرْ قَلْبَك الرَّحْمَةَ لِلرَّعِیةِ، وَالْمَحَبَّةَ لَهُمْ، وَاللُّطْفَ بِهِمْ، وَلاَ تَکونَنَّ عَلَیهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمُ أَکْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَك فِی الدِّینِ، وَإِمَّا نَظِیرٌ لَك فِی الْخَلْقِ".

3. القيادة الحذرة (Vigilant Leadership): "وَلاَ تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاك إِلَیهِ عَدُوُّك وَلِلَّهِ فِیهِ رِضًی فَإِنَّ فِی الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِك، وَرَاحَةً مِنْ هُمُومِك، وَأَمْناً لِبِلاَدِك، وَلَکنِ الْحَذَرَ کلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّك بَعْدَ صُلْحِهِ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِیتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ، وَاتَّهِمْ فِی ذَلِك حُسْنَ الظَّنِّ"... "وَلَیسَتْ عَلَی الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْکذِبِ، وَإِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَینِ: إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُك بِالْبَذْلِ فِی الْحَقِّ، فَفِیمَ احْتِجَابُك مِنْ وَاجِبِ حَقّ تُعْطِیهِ، أَوْ فِعْل کرِیم تُسْدِیهِ! أَوْ مُبْتَلًی بِالْمَنْعِ، فَمَا أَسْرَعَ کفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِك إِذَا أَیسُوا مِنْ بَذْلِك!
مَعَ أَنَّ أَکْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَیك مِمَّا لامَئُونَةَ فِیهِ عَلَیک، مِنْ شَکاةِ مَظْلِمَة، أَوْ طَلَبِ إِنْصَاف فِی مُعَامَلَة".

4. القيادة الأخلاقية (Ethical Leadership): "فَلْیکنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَیك ذَخِیرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَامْلِك هَوَاك، وَشُحَّ بِنَفْسِك عَمَّا لایحِلُّ لَك، فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْاِنْصَافُ مِنْهَا فِیمَا أَحَبَّتْ أَوْ کرِهَتْ".

5. القيادة الشاملة (Inclusive Leadership): "وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّعِیةَ طَبَقَاتٌ لا یصْلُحُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْض"... "وَلْیکنْ أَحَبَّ الْاُمُورِ إِلَیك أَوْسَطُهَا فِی الْحَقِّ، وَأَعَمُّهَا فِی الْعَدْلِ، وَأَجْمَعُهَا لِرِضَی الرَّعِیةِ، فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ یجْحِفُ بِرِضَی الْخَاصَّةِ، وَإِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ یغْتَفَرُ مَعَ رِضَی الْعَامَّةِ".

6. القيادة الإقتصادية
(Economic Leadership): "وَلْیکنْ نَظَرُك فِی عِمَارَةِ الْاَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِك فِی اسْتِجْلاَبِ الْخَرَاجِ، لاَنَّ ذَلِك لا یدْرَك إِلاَّ بِالْعِمَارَةِ; وَمَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَیرِ عِمَارَة أَخْرَبَ الْبِلاَدَ، وَأَهْلَك الْعِبَادَ، وَلَمْ یسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلاَّ قَلِیلاً".

7. القيادة التشاورية
(Consultative Leadership) : "وَأَکْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ، وَمُنَاقَشَةَ الْحُکمَاءِ، فِی تَثْبِیتِ مَا صَلَحَ عَلَیهِ أَمْرُ بِلاَدِك، وَإِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَك".

8. القيادة الخدمية (Servant Leadership): "ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِك لابُدَّ لَك مِنْ مُبَاشَرَتِهَا: مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِك بِمَا یعْیا عَنْهُ کتَّابُك، وَمِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ یوْمَ وُرُودِهَا عَلَیك بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِك. وَأَمْضِ لِکلِّ یوْم عَمَلَهُ، فَإِنَّ لِکلِّ یوْم مَا فِیهِ. وَاجْعَلْ لِنَفْسِك فِیمَا بَینَك وَبَینَ اللهِ أَفْضَلَ تِلْك الْمَوَاقِیتِ، وَأَجْزَلَ تِلْك الْاَقْسَامِ، وَإِنْ کانَتْ کلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِیهَا النِّیةُ، وَسَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیةُ... "ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَالْعِی، وَنَحِّ عَنْهُمُ الضِّیقَ وَالْاَنَفَ یبْسُطِ اللهُ عَلَیك بِذَلِك أَکْنَافَ رَحْمَتِهِ، وَیوجِبْ لَك ثَوَابَ طَاعَتِهِ. وَأَعْطِ مَا أَعْطَیتَ هَنِیئاً، وَامْنَعْ فِی إِجْمَال وَإِعْذَار".

9. القيادة الشفافة
(Transparent Leadership): "وَإِیاك وَالْمَنَّ عَلَی رَعِیتِك بِإِحْسَانك، أَوِ التَّزَیدَ فِیمَا کانَ مِنْ فِعْلِك، أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَك بِخُلْفِك، فَإِنَّ الْمَنَّ یبْطِلُ الْاِحْسَانَ، وَالتَّزَیدَ یذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ، وَالْخُلْفَ یوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ".

10. القيادة التكليفية (Adaptive Leadership): "ثُمَّ اعْلَمْ یا مَالك أَنِّی قَدْ وَجَّهْتُك إِلَی بِلاَد قَدْ جَرَتْ عَلَیهَا دُوَلٌ قَبْلَك، مِنْ عَدْل وَجَوْر، وَأَنَّ النَّاسَ ینْظُرُونَ مِنْ أُمُورِك فِی مِثْلِ مَا کنْتَ تَنْظُرُ فِیهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلاَةِ قَبْلَك، وَیقُولُونَ فِیك مَا کنْتَ تَقُولُ فِیهِمْ"... "وَلاَ تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْاُمَّةِ، وَاجْتَمَعَتْ بِهَا الْاُلْفَةُ، وَصَلَحَتْ عَلَیهَا الرَّعِیةُ. وَلاَ تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَیء مِنْ مَاضِی تِلْك السُّنَنِ، فَیکونَ الْاَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا، وَالْوِزْرُ عَلَیك بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا".
11. القيادة الدينية (Religous Leadership): “وَلاَ تَنْصِبَنَّ نَفْسَك، لِحَرْبِ اللهِ فَإِنَّهُ لایدَ لَك بِنِقْمَتِهِ، وَلاَ غِنَی بِك عَنْ عَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ".
12. القيادة المحاسبية (Accountable Leadership): "وَلاَ تَقُولَنَّ: إِنِّی مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ، فَإِنَّ ذَلِك إِدْغَالٌ فِی الْقَلْبِ، وَمَنْهَکةٌ لِلدِّینِ، وَتَقَرُّبٌ مِنَ الْغِیرِ".

13. القيادة الشجاعة
(Courageous Leadership): "وَلاَ تُدْخِلَنَّ فِی مَشُورَتِك بَخِیلاً یعْدِلُ بك عَنِ الْفَضْلِ، وَیعِدُك الْفَقْرَ، وَلاَ جَبَاناً یضْعِفُك عَنِ الْاُمُورِ، وَلاَ حَرِیصاً یزَینُ لَك الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ، فَإِنَّ الْبُخْلَ وَالْجُبْنَ وَالْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّی یجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللهِ".

14. القيادة الرحيمة
(Merciful Leadership): "وَأَشْعِرْ قَلْبَك الرَّحْمَةَ لِلرَّعِیةِ، وَالْمَحَبَّةَ لَهُمْ، وَاللُّطْفَ بِهِمْ، وَلاَ تَکونَنَّ عَلَیهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمُ أَکْلَهُمْ"... "فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِك وَصَفْحِك مِثْلِ الَّذِی تُحِبُّ وَتَرْضَی أَنْ یعْطِیك اللهُ مِنْ عَفْوِهِ وَصَفْحِهِ".

15. القيادة المتوازنة (Balanced Leadership): “فَإِنَّ ذَلِك یطَامِنُ إِلَیك مِنْ طِمَاحِك، وَیکفُّ عَنْك مِنْ غَرْبِك، وَیفِیءُ إِلَیك بِمَا عَزَبَ عَنْك مِنْ عَقْلِك!”.

16. القيادة الحامية
(Protective leadership): "أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَةَ کلِّ حِقْد، وَاقْطَعْ عَنْك سَبَبَ کلِّ وِتْر، وَتَغَابَ عَنْ کلِّ مَا لا یضِحُ لَك، وَلاَ تَعْجَلَنَّ إِلَی تَصْدِیقِ سَاع فَإِنَّ السَّاعِی غَاشٌّ، وَإِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِینَ"... "فَوَلِّ مِنْ جُنُودِك أَنْصَحَهُمْ فِی نَفْسِك لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاِمَامِك، وَأَنْقَاهُمْ جَیباً، وَأَفْضَلَهُمْ حِلْماً، مِمَّنْ یبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ، وَیسْتَرِیحُ إِلَی الْعُذْرِ، وَیرْأَفُ بِالضُّعَفَاءِ، وَینْبُو عَلَی الْاَقْوِیاءِ، وَمِمَّنْ لایثِیرُهُ الْعُنْفُ، وَلاَ یقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ".

17. قيادة المشاركة (Shared Leadership): “وَأعْلَمْ أَنَّ الرَّعِیةَ طَبَقَاتٌ لا یصْلُحُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْض، وَ لاَ غِنَی بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْض".

18. القيادة الاستباقية
(Proactive Leadership): "وَلاَ تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِیفِ أُمُورِهِمُ اتِّکالاً عَلَی جَسِیمِهَا، فَإِنَّ لِلْیسِیرِ مِنْ لُطْفِك مَوْضِعاً ینْتَفِعُونَ بِهِ، وَلِلْجَسِیمِ مَوْقِعاً لا یسْتَغْنُونَ عَنْهُ".. "ثُمَّ انْظُرْ فِی أُمُورِ عُمَّالِك فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً، وَلاَ تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَأَثَرَةً، فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَالْخِیانَةِ.
وَتَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَالْحَیاءِ، مِنْ أَهْلِ الْبُیوتَاتِ الصَّالِحَةِ، وَالْقَدَمِ فِی الْاِسْلاَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنَّهُمْ أَکْرَمُ أَخْلاَقاً وَأَصَحُّ أَعْرَاضاً، وَأَقَلُّ فِی الْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً، وَأَبْلَغُ فِی عَوَاقِبِ الْاُمُورِ نَظَراً".

19. القيادة الداعمة (Supportive Leadership): "ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَیهِمُ الْاَرْزَاقَ، فَإِنَّ ذَلِك قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَی اسْتِصْلاَحِ أَنْفُسِهِمْ، وَغِنًی لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَیدِیهِمْ، وَحُجَّةٌ عَلَیهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَك أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَك".

20. القيادة القائمة على الأدلة
(Evidance-Based Leadership): "ثُمَّ لایکنِ اخْتِیارُك إِیاهُمْ عَلَی فِرَاسَتِك وَاسْتِنَامَتِك وَحُسْنِ الظَّنِّ مِنْك، فَإِنَّ الرِّجَالَ یتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلاَةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَحُسْنِ خِدْمَتِهِمْ، وَلَیسَ وَرَاءَ ذَلِك مِنَ النَّصِیحَةِ وَالْاَمَانَةِ شَیءٌ. وَلَکنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِینَ قَبْلَك، فَاعْمِدْ لاَحْسَنِهِمْ کانَ فِی الْعَامَّةِ أَثَراً، وَأَعْرَفِهِمْ بِالْاَمَانَةِ وَجْهاً، فَإِنَّ ذَلِك دَلِیلٌ عَلَی نَصِیحَتِک لِلَّهِ وَلِمَنْ وُلِّیتَ أَمْرَهُ"...  "وَتَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَالْحَیاءِ، مِنْ أَهْلِ الْبُیوتَاتِ الصَّالِحَةِ، وَالْقَدَمِ فِی الْاِسْلاَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنَّهُمْ أَکْرَمُ أَخْلاَقاً وَأَصَحُّ أَعْرَاضاً، وَأَقَلُّ فِی الْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً، وَأَبْلَغُ فِی عَوَاقِبِ الْاُمُورِ نَظَراً"... "فَلاَ تَکْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْك مِنْهَا، فَإِنَّمَا عَلَیك تَطْهِیرُ مَا ظَهَرَ لَك، وَاللهُ یحْکمُ عَلَی مَا غَابَ عَنْك".

21. القيادة المناهضة للفساد
(Anti-Corruption Leadership): "وَلْیکنِ الْبَیعُ بَیعاً سَمْحاً: بِمَوَازِینِ عَدْل وَأَسْعَار لاتُجْحِفُ بِالْفَرِیقَینِ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ. فَمَنْ قَارَفَ حُکْرَةً بَعْدَ نَهْیك إِیاهُ فَنَکلْ بِهِ، وَعَاقِبْهُ فِی غَیرِ إِسْرَاف".

22. قيادة خدمة المجتمع
(Community-Centric Leadership): "وَأَمَّا بَعْدُ فَلاَ تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَك عَنْ رَعِیتِك، فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلاَةِ عَنِ الرَّعِیةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّیقِ، وَقِلَّةُ عِلْم بِالْاُمُورِ; وَالاِحْتِجَابُ مِنْهُمْ یقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَیصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْکبِیرُ، وَیعْظُمُ الصَّغِیرُ، وَیقْبُحُ الْحَسَنُ، وَیحْسُنُ الْقَبِیحُ وَیشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ. وَإِنَّمَا الْوَالِی بَشَرٌ لایعْرِفُ مَا تَوَارَی عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْاُمُورِ".

23. القيادة الكاريزمية
(Charismatic Leadership): "وَالْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَالصِّدْقِ; ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَی أَلاَّ یطْرُوك وَلاَ یبْجَحُوك بِبَاطِل لَمْ تَفْعَلْهُ، فَإِنَّ کثْرَةَ الْاِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ، وَتُدْنِی مِنَ الْعِزَّةِ".

24. القيادة التطويرية
(Developmental Leadership): "فَافْسَحْ فِی آمَالِهِمْ، وَوَاصِلْ فِی حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیهِمْ، وَتَعْدِیدِ مَا أَبْلَی ذَوُو الْبَلاَءِ مِنْهُمْ; فَإِنَّ کثْرَةَ الذِّکْرِ لِحُسْنِ أَفْعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ، وَتُحَرِّضُ النَّاکلَ، إِنْ شَاءَ اللهُ".

25. القيادة التحولية أو قيادة التغيير
(Transformational Leadership): "إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِك مَنْ کانَ لِلْاَشْرَارِ قَبْلَك وَزِیراً، وَمَنْ شَرِکهُمْ فِی الآْثَامِ فَلاَ یکونَنَّ لَك بِطَانَةً، فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْاَثَمَةِ، وَإِخْوَانُ الظَّلَمَةِ، وَأَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَیرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَنَفَاذِهِمْ، وَلَیسَ عَلَیهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَأَوْزَارِهِمْ وَآثَامِهِم".

26. القيادة التفويضية
(Delegative Leadership): "ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُکْمِ بَینَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِیتِك فِی نَفْسِك، مِمَّنْ لاتَضِیقُ بِهِ الْاُمُورُ، وَلاَ تُمَحِّکهُ الْخُصُومُ، وَلاَ یتَمَادَی فِی الزَّلَّةِ، وَلاَ یحْصَرُ مِنَ الْفَیءِ إِلَی الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ، وَلاَ تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَی طَمَع، وَلاَ یکْتَفِی بِأَدْنَی فَهْم دُونَ أَقْصَاهُ; وَأَوْقَفَهُمْ فِی الشُّبُهَاتِ، وَآخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ، وَأَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخَصْمِ، وَأَصْبَرَهُمْ عَلَی تَکشُّفِ الْاُمُورِ، وَأَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُکْمِ، مِمَّنْ لا یزْدَهِیهِ إِطْرَاءٌ. وَلاَ یسْتَمِیلُهُ إِغْرَاءٌ وَأُولَئِك قَلِیلٌ".

27. القيادة الموثوقة
(Authoritative Leadership): "وَلاَ تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِیهِ الْعِلَلَ، وَلاَ تُعَوِّلَنَّ عَلَی لَحْنِ قَوْل بَعْدَ التأکید وَالتَّوْثِقَةِ وَلاَ یدْعُوَنَّك ضِیقُ أَمْر، لَزِمَك فِیهِ عَهْدُ اللهِ، إِلَی طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَیرِ الْحَقِّ، فَإِنَّ صَبْرَك عَلَی ضِیقِ أَمْر تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَفَضْلَ عَاقِبَتِهِ، خَیرٌ مِنْ غَدْر تَخَافُ تَبِعَتَهُ، وَأَنْ تُحِیطَ بِك مِنَ اللهِ فِیهِ طِلْبَةٌ، لاتَسْتَقْبِلُ فِیهَا دُنْیاك وَلاَ آخِرَتَك".

28. قيادة التعاملات أو القيادة الإدارية
(Transactional Leadership): "وَلاَ یکونَنَّ الْمُحْسِنُ وَالْمُسِیءُ عِنْدَك بِمَنْزِلَة سَوَاء، فَإِنَّ فِی ذَلِك تَزْهِیداً لاَهْلِ الْاِحْسَانِ فِی الْاِحْسَانِ، وَتَدْرِیباً لاَهْلِ الْاِسَاءَةِ عَلَی الْاِسَاءَةِ! وَأَلْزِمْ کلاًّ مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ".

29. القيادة الديمقراطية أو التشاركية
(Democratic Leadership): "وَإِنْ ظَنَّتِ الرَّعِیةُ بِك حَیفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِك، وَاعْدِلْ عَنْك ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِك، فَإِنَّ فِی ذَلِك رِیاضَةً مِنْك لِنَفْسِك، وَرِفْقاً بِرَعِیتِك، وَإِعْذَاراً تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَك مِنْ تَقْوِیمِهِمْ عَلَی الْحَقِّ".

30.   القيادة العادلة (Just leadership): “ثُمَّ اعْرِفْ لِکلِّ امْرِئ مِنْهُمْ مَا أَبْلَی، وَلاَ تَضُمَّنَّ بَلاَءَ امْرِئ إِلَی غَیرِهِ، وَلاَ تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَایةِ بَلاَئِهِ، وَلاَ یدْعُوَنَّك شَرَفُ امْرِئ إِلَی أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلاَئِهِ مَا کانَ صَغِیراً، وَلاَ ضَعَةُ امْرِئ إِلَی أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلاَئِهِ مَا کانَ عَظِیماً". ليس هناك شكل قيادي أهم من الآخر فتعددت أشكال القائد لتلبية المهام وتحقيق الأهداف ونوع القادة المتوقع صناعتهم في المستقبل.
وأن كانت هذه الأدوار ليست الوحيدة التي وجدها الكاتب، ولكنها كافية لتكون قيماً عالية الأهمية ودليلاً تأريخيا وعلمياً للاستناد عليه في قيادة حاضر ومستقبل الشعوب بتحليل الماضي لا النزاع عليه.