تطوير صبغة مضيئة تكشف خلايا السرطان

علوم وتكنلوجيا 2024/06/24
...

 أندرو غريغوري
 ترجمة وإعداد: أنيس الصفار

طوّر العلماء صبغة مضيئة ذات  قدرة على الالتصاق بالخلايا السرطانية لتمنح بذلك الجراحين ما يوصف بأنه «عينان نافذتان أخريان» تساعدهم في تحري المرض وإزالة تلك الخلايا بشكلٍ فوري للقضاء على المرض نهائياً. يقول الخبراء إنَّ هذا الفتح ربما سيقلل من خطر عودة السرطان كما يمنع آثاره الجانبية الموهنة للمريض.
هذه الصبغة المضيئة تكشف الأنسجة السرطانية حتى تلك المتناهية في الصغر التي لا يمكن للعين المجردة التقاطها، وبذا تمكن الجراحين من إزالة الخلايا السرطانية الى آخر خلية مع الحفاظ على الأنسجة السليمة. هذا ربما سيعني تقليل الآثار الجانبية اللاحقة التي يمكن أنْ تغير حياة المريض في أعقاب العملية الجراحية.
تمَّ تطوير هذه التقنية على يد علماء وجراحين في جامعة أوكسفورد بالتعاون مع شركة التكنولوجيا الحيوية «إماجن أي بي» في كاليفورنيا، وموّلتها مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة.
يقول «فريدي حمدي» أستاذ الجراحة في جامعة أوكسفورد: «نحن بهذا نمنح الجراح عينين أخريين كي يرى خلايا السرطان وهي في مكامنها، وما إذا كان هنالك انتشار. التقنية تمكننا من إزالة السرطان إزالة تامة، حتى الخلايا التي تمكنت من الانتشار خارج الورم ومن الممكن أنْ تتيح للمرض فرصة العودة لاحقاً».
في أول تجربة من نوعها تمَّ حقن 23 رجلاً من مرضى سرطان البروستات بالصبغة الدالة قبل إخضاعهم لعملية استئصال البروستات جراحياً. الصبغة المضيئة جعلت الخلايا السرطانية تبرز معلنة نفسها والأماكن التي انتشرت إليها في الأنسجة الأخرى خارج البروستات، مثل عظام الحوض والعقد اللمفية.
استخدم في التجربة نظام تصوير خاص يقوم بإسقاط الضوء على البروستات والمناطق القريبة منها ليجعل خلايا سرطان البروستات تشع وتتوهج. القدرة على رؤية هذه التفاصيل بشكلٍ محددٍ وواضحٍ مكّنت الجراحين من إزالة الخلايا السرطانية مع الإبقاء على النسيج الصحي سليماً.
يعمل هذا التطبيق على أساس الجمع بين الصبغة وجزيء استهداف يشار إليه بالرمز «IR800-IAB2M”. من بعد ذلك تلتصق الصبغة الدالة وجزيء الاستهداف ببروتينٍ خاصٍ يسمى “مستضد الغشاء الخاص بالبروستات” لا يوجد إلا على سطوح خلايا سرطان البروستات.
رغم أنَّ التقنية قد تمَّ اختبارها على مرضى مصابين بسرطان البروستات إلا أنَّ من الممكن إعادة تكييفها للعمل على أنواعٍ أخرى من المرض، ويأمل الخبراء أنَّ الصبغة سيكون بالوسع استخدامها مع أنواعٍ أخرى من السرطان بمجرد تغيير البروتين الذي تعتمد عليه الصبغة للالتصاق بالخلايا السرطانية.
يقول الدكتور “إيان فولكس”، المدير التنفيذي لقسم الأبحاث والابتكار في مركز أبحاث السرطان بالمملكة المتحدة: “العملية الجراحية يمكن أنْ تشفي المصاب من شتى أنواع السرطان بشكلٍ فعالٍ عند إزالتها وهي في مراحلها المبكرة. لكنْ من شبه المستحيل الجزم في هذه المراحل المبكرة إنْ كان قد حدث انتشارٌ موقعيٌّ للسرطان أم لم يحدث بالاعتماد على العين فقط”.
المطلوب الآن هو إجراء مزيدٍ من الاختبارات والتجارب على مجموعات أكبر من المرضى، بيد أنَّ الصبغة الدالة المشتركة ونظام التصوير الخاص من شأنهما إحداث انقلابٍ جذري في كيفية تعاملنا مع السرطان مستقبلاً، كما يقول الدكتور فولكس.
عن صحيفة الغارديان