وليد خالد الزيدي
لا يمكن الاختلاف بشأن الأهمية القصوى لمسألة التكامل في تنفيذ المشاريع التنمويَّة ودرجة الترابط بينها لتكون النتائج أوسع مساحة وأكثر منفعة وأفضل جودة، بحيث تصبح نوعيَّة التكامل ومستواه كلي غير جزئي على شكل تناغم وتفاعل في العمليَّة يبلغ حدَّ الإنتاج الاستراتيجي لتكون صوره ذا نتائج بعيدة المدى وأساسه تنفيذ مشاريع متعددة مثل استثمار الحقول النفطية والغازية وربطها بمشاريع صناعات البتروكيمياويات ومن ثم الذهاب إلى أبعد من ذلك إلى حيث إنتاج الطاقة النظيفة (على سبيل المثال).
ومن باب الموضوعية لا بد من القول إنَّ المشاريع التكاملية في مجال النفط لهي أبرز ما يمكن الدفع به لتكون أفضل الأمثلة على تلك المسألة ذلك لأنَّ النفط كخام هو مادة أولية ضرورية لإنتاج مواد مصنعة أخرى كذلك الغاز الذي يكون قسم منه مصاحباً لهذا الخام أثناء عمليات الاستخراج من باطن الأرض سواء على مستوى الآبار أو الحقول المختلفة، إذ تمثّل عملية التوسعة في نماذج التكامل في المشاريع النفطية سمة بارزة لكونها مؤشراً واضحاً ومتعدد الأوجه على قدرة كلّ دولة أن تتبنى تلك المشاريع في التطور والنماء والرقي الاقتصادي فقد قدّمت دول عدّة نماذج رائدة في الاستفادة من توسعة مشاريعها لتشمل مراحل الاستخراج ومن ثم اشتقاقها لمواد أخرى وصولاً إلى إنتاج مواد مختلفة عن المادة الأولية المستخرجة في الأساس.
المتابع لأوضاع العراق في مجال النفط والثروات المعدنية الأخرى يرى وفرة في تعدّد الاحتمالات الخاصّة بتوجيه الاقتصاد العراقي نحو تنفيذ مشاريع ذات مراحل تكاملية ومع أنَّ هذا الأمر يتطلب تكنولوجيا متطورة وخبرة متراكمة تُحدث الفارق في الإنتاج وتستوعب المشاريع المختلفة، لكنَّ القائمين على الاقتصاد العراقي بشكل عام والمجال النفطي على وجه الخصوص أيقنوا مفهوم التكامل في إدارة الأعمال وتنوع إنتاجه، وبما لا يقبل الشك أنَّ التركيز في الوقت الحاضر يسير باتجاه توسيع المشروعات للاستفادة من مزاياها في تنوع المنتج وزيادة نشاطه بمراحل وأساليب إضافية وعمليات أخرى مكملة يمكن أن تُطلق عليها تسمية التكامل بالمشاريع وإضافة منتجات جديدة من نفس المادة الأولية لما كان يُنتج من قبل وهو ما وجّهت بشأنه الحكومة حالياً للدفع باتجاه تنفيذ الأعمال التكاملية في قطاع الطاقة وتوفير وسائل التصدير للمنتجات المصنعة لكي تشمل تطوير الحقول النفطية والغازية وربطها بمشاريع البتروكيمياويات والطاقة النظيفة والمواد الأخرى ومن خلال تفعيل مشروع مصفى الفاو كأول مرحلة فيه.
مشروع مصفى الفاو سيوفر وسائل لتصدير المنتجات النفطية مرتبطاً بمشروع الصناعات البتروكيمياوية ومشروع للخزن بالإضافة إلى مشاريع كثيرة يمكن أن تكون تكاملية تنفذها وزارة النفط في مناطق متعددة من البلاد تتوفر فيها مقومات التنفيذ الناجح في محافظات البصرة وميسان وذي قار فتلك المشاريع وغيرها سيكون لها أثر بالغ في تحقيق تنمية ونهضة نوعية بواقع الصناعة النفطية وجميع الصناعات المرتبطة بها على نطاق وطني واسع يقوم على أساس التقييم الفعال والتبادل الإنتاجي بين الوحدات الأساسية داخل العراق وبما يمكن أن يعمل بشكل واضح على مجموعة من التدابير والتحويلات الاقتصادية وإيجاد صلات وثيقة للتنمية الواعدة وتشغيل حزمة مشاريع مترابطة وبدورات إنتاجية متوالية للاستفادة من الموارد وتوسيع أطر منافع الاقتصاد الوطني.