علي حسن الفواز
ما يصنعه "الكبار" في السياسة لا يعني أنه كبيرٌ في المعايير الدولية للآخرين، فليس لأحد أن يلتزم به، رغم ما في عالم سياسة هؤلاء "الكبار" من غطرسة، ومن تهديد، ومن عقوبات اقتصادية وأمنية.
ما ورد في الإعلان الختامي لقادة مجموعة الدول السبع - الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، اليابان، كندا، إيطاليا - يكشف عن تلك الغطرسة والتعالي، لاسيما في الموقف من الصين، ومن سياساتها التجارية، فما ورد في بيان وزارة الخارجية الصينية يضع كثيراً من علامات السخط على مواقف تلك الدول، وعلى سياساتها، فقد اتهم البيان بأن الإعلان "يتلاعب مرة أخرى بالقضايا المتعلقة بالصين، وافترى عليها وهاجمها، وكرر صوراً ليس لها أساس واقعي ولا أساس قانوني ولا مبرر أخلاقي، وهي مليئة بالغطرسة والتحيز والأكاذيب".
الرفض الصيني لهذه المواقف يفتح الباب للحديث عن الأزمة الاقتصادية في الغرب، حيث تمثل السياسة التجارية للصين أكثر تحدياته، فرغم تصريحات قادة مجموعة الدول السبع بأنهم "يطمحون إلى علاقات بنّاءة ومستقرة مع الصين لأهميتها في التجارة العالمية" إلّا أن واقع الحال يؤشر وجود خلافات حول مسار السياسات التجارية، وفي النظر إلى فاعلية الاقتصاد الصيني، على مستوى التعاطي مع السوق، وعلى مستوى استحقاقاتها وتلبية احتياجاتها، والتي تجد فيها الولايات المتحدة ودول المجموعة تحدياً لمصالحها ولحساباتها، لأنها تؤدي- كما تقول- إلى أضرار في كثير من القطاعات.
المواقف الخلافية بين الصين ومجموعة الدول السبع ليست محصورة في الجانب التجاري فقط، بل تتسع لتشمل مواقف وإجراءات أخرى، لاسيما ما يتعلق بموقف الصين إزاء الحرب الروسية الأوكرانية، واتهام الصين بتوريد الأسلحة إلى روسيا، ودعم اقتصادها وخرق العقوبات التي تفرضها الدول الأوروبية عليها، فضلاً عن الموقف من قضية تايوان واتهام الصين بتهديد الأمن الملاحي والتجاري في جنوب شرق آسيا، وهو ما تجد فيه الصين تهديداً لا مُسوّغ لها، وتدخلاً في شؤونها الداخلية، فضلاً عن أن سياسات تلك الدول تمثل نوعاً من اصطناع القوة الغاشمة التي يمكن أن تُهدد السلام في العالم، وتعمل على فرض شروط ضاغطة على مصالح الدول الأخرى، واخضاعها إلى سياسات التخويف والإرهاب الدولي، وهذا ما ترفضه الصين التي يمثل اقتصادها النامي أكثر الاقتصادات الفاعلة في العالم، بخلاف ما تتعرّض له اقتصادات الدول، ومنها مجموعة السبع إلى مشكلات عميقة تهدد استقرارها، وتعرّضها إلى صعوبات في التضخم والركود والبطالة، وصولاً إلى شيوع مظاهر العنف الاجتماعي والسياسي.