باسم محمد حبيب
يعد الفساد المتفشي في مؤسسات ودوائر الدولة من المشكلات الكبرى، التي يعاني منها البلد إلى درجة يعده البعض أكبر خطر يهدد مستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أي أنه من حيث النتائج والمخاطر التي ستنجم عنه أخطر حتى من الإرهاب، ومن كل أشكال العنف الأخرى، التي يعاني منها البلد لأنه يهدد بنسف الدولة بكل أركانها ومؤسساتها.
وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة، التي يشكلها الفساد على العراق، إلا أنه لم يجرِ وقف تصاعده أو تقليل معدلاته، على الرغم من صدور العديد من القرارات المهمة التي أريد بها ضرب أركانه وخلخلة دعاماته، فضلا عن اتخاذ العديد من الإجراءات التي وجهت نحو هذا الهدف أيضا، وعلى ما يبدو أن هناك أسبابا عدة تقف وراء هذا القصور في مواجهة هذا الداء الخطير، منها ما يرتبط بالتحديات المختلفة، التي يواجهها البلد كالتحديات الأمنية والسياسية، ومنها ما يرتبط بظروف الدولة، حيث الانقسام السياسي وما تشهده البلاد من اضطرابات وصراعات سياسية وتأثير ذلك على ما يصدر من قرارات، لأن أغلب القرارات يجري إصدارها من خلال التوافق، الذي لا يسمح بإصدار قرارات صارمة وحدية، لأن القوى التي بيدها تقرير الأمور لا تسمح بذلك، وهذا ما يصح على الإجراءات المتخذة في هذا الشأن، فهي أيضا تقع ضحية الضغوط التي تقوم بها القوى السياسية، إذ لا يمكن للحكومة أن تتصرف من دون موافقة تلك القوى أو رضاها كونها مشكلة من قبلها وخاضعة لسيطرتها ورقابتها.
ونظرا لعدم نجاح الدولة في مواجهة الفساد، وتحول الفساد إلى غول خطير، بسبب كم الأموال التي تمت سرقتها وتهريبها، وكم المشاريع التي لم يتم تنفيذها من المشاريع المقرة، أو التي نفذت من دون أن يتم إكمالها، أو أكملت ولكن بمعايير لا تتطابق مع المعايير المطلوبة، فضلا عن قضايا أخرى خطيرة كقضية الكهرباء، التي ما زالت دون حل على الرغم من كم الأموال، التي تم صرفها عليها، فقد أدى ذلك إلى نقمة شعبية وواقعا خطيرا ينذر بنسف البناء الديمقراطي للبلد، فكانت الاحتجاجات والتظاهرات التجلي الأخير في الموقف الشعبي من هذه
الظاهرة.
أن ما نحتاجه الآن هو تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في ملفات الفساد ونهب المال العام من عام 2003 إلى الآن، فليس من المعقول أن يقتصر الأمر على محافظة واحدة، كما حصل في الاتفاق الأخير الذي جرى بين السيد رئيس الوزراء ووفد من متظاهري محافظة المثنى، فيما العراق غارق حتى أذنيه بالفساد والسرقات الكبرى والمشاريع الوهمية والمتلكئة، التي تبلغ الآلاف كما تقول الجهات
الرسمية.
فحي على المطالبة بالتحقيق في ملفات الفساد من عام 2003 وإلى الآن والذي يجب أن يشمل كل المحافظات العراقية وليس محافظة واحدة
فقط.