د. خالد حميد
أقر دستور جمهورية العراق لسنة 2005 مجالس المحافظات، باعتبارها السلطة التشريعية الوحيدة والرقابية العليا ضمن الحدود الإدارية لكل محافظة، وله حق إصدار التشريعات المحلية في حدود المحافظة بما يمكنه من إدارة شؤونه، وفق مبدأ اللامركزية الادارية وبما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية، ويمارس الاختصاصات المنصوص عليها في المادة ( 61 / أولا ) من الدستور.
هذه من الناحية النظرية غير أن الواقع قد أثار الكثير من اللغط والجدل حول أداء هذه المجالس، وكان الكثير من المراقبين يرى أن هذه المجالس لم تمارس دورها الرقابي والتشريعي كما ينبغي، بل على العكس من ذلك كانت هذه المجالس عقبة أمام تطوير الواقع المرير الذي تعانيه المحافظات.
وكانت يد الاحزاب المتنفذة لها السطوة على قرارات هذه المجالس، والهيمنة على المشاريع والعقود والاستثمارات.
كل ذلك يجري بعيدا عن رؤية الحكومة الاتحادية ومركزيتها.
اللافت للنظر في هذه المرحلة أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قام بخطوة تبدو مهمة وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل التكاملي بين مؤسسات الدولة المختلفة، إذ افتتح رئيس الوزراء السوداني، قبل فترة، الملتقى الأول لمجالس ودواوين المحافظات، مع هيئة النزاهة والهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، بمشاركة الهيئات الرقابية واللجان النيابية المختصة، والمحافظين ورؤساء مجالس المحافظات، فضلاً عن هيئة المستشارين في مكتب رئيس مجلس الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء وديوان الرقابة المالية، وعدد من الاتحادات والنقابات الحقوقية والمنظمات المحلية والدولية المعنية.
تنبع أهمية هذه الخطوة من أمرين:
الأول، أنها ستضع الأطر العامة لعمل مجالس المحافظات، وتوجه مشاريعها بعيدا عن الاجتهادات والرؤية القاصرة، وبما يخدم التوجه العام نحو التنمية والتطور، بمعنى أنها ستجعل مجالس المحافظات تعمل وفق رؤية مركزية عامة، لها أهداف محددة واستراتيجية علمية واضحة. وهو ما يتماشى مع البرنامج الحكومي الذي أعلنه السوداني منذ بداية تكليفه. الثاني، أن التنسيق بين مجالس المحافظات والمحافظين والمؤسسات الرقابية سيقلل هدر الاموال في المشاريع الخدمية، وهو الامر الذي كانت تعاني منه المحافظات كثيراً.
كما أن ذلك سيؤدي إلى تفعيل الدور الرقابي للمؤسسات المعنية وترسيخ خطوات الاصلاح الاقتصادي التي شرعت بها الحكومة وفق برنامج عملها.
والخلاصة أن مجالس المحافظات لم تحقق طموح المواطنين، وبقيت عقبة في طريق تطوير الواقع المؤلم الذي تعيشه محافظاتنا، لذلك يمكن القول ان هذا الملتقى سيحدث تغييرا جوهريا في عمل الإدارات المحلية وتهذيب نشاطها ومشاريعها، وسيكون - إذا ما حظي بالاستمرار والديمومة- خطوة تأسيسية لعمل تكاملي منظم وأكثر نضجا.