التشريع والأمن

آراء 2024/07/01
...







 سلام مكي


أمام مجلس النواب، في قادم الأيام مسؤوليات مهمة وجسيمة، تتمثل بإقرار القوانين، التي تخص الشأن الأمني، وتحديدا القوانين التي تنظم عمل الأجهزة الأمنية. مجلس النواب، صوّت مؤخرا على قانون جهاز الأمن الوطني، والذي صادق عليه السيد رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي، ليساهم بشكل كبير في تنظيم عمل الجهاز، وتحديد مهامه ومسؤولياته. وما تبقى من قوانين مهمة هي قانون جهاز المخابرات الوطني، هذا الجهاز الذي نصت عليه الفقرة د من المادة 8 من الدستور والتي حددت مهام الجهاز بجمع المعلومات وتقويم التهديدات الموجهة للأمن الوطني، وتقديم المشورة للحكومة العراقية. ويكون تحت السيطرة المدنية ويخضع لرقابة السلطة التشريعية ويعمل وفقا للقانون، بموجب مبادئ حقوق الانسان المعترف بها. فالدستور، أوجب على مجلس النواب، تشريع قانون ينظم عمل جهاز المخابرات الوطني، يما يتناسب مع توجهات الدولة والدستور، خصوصا تلك المتعلقة بالتعامل الإنساني مع المتهمين والأحداث التي تتم معالجتها عن طريق الجهاز. 

صحيح أن مجلس النواب، تأخر كثيرا بإقرار القانون، قياسا إلى النص الدستوري، لكن جهاز المخابرات والأمن الوطني، كانوا يعملون، بما هو مطلوب منهم، حيث إن الجهازين، أخذا على عاتقهما تنفيذ الواجبات الوطنية والأمنية التي تتطلبها معركة الدولة ضد الإرهاب وضد كل ما يهدد الأمن والسلامة في البلد. 

إن على مجلس النواب، مسؤولية دعم الأجهزة الأمنية وفقا لصلاحياته ومسؤولياته، وهذا الدعم يتمثل بتشريع قوانين تؤكد الدور المحوري للأجهزة الأمنية، وتساهم في تقويتها وتدعيمها بالقانون الذي هو أساس لعمل أية جهة حكومية، ولا يمكن أن يمارس أي جهاز أمني واجباته ومسؤولياته في الحفاظ على الأمن ومحاربة الإرهاب والجريمة، دون أن يكون مسنودا بنصوص قانونية تدعم موقفه وتقوي مركزه القانوني، وتحميه من المطالبات العشائرية والقانونية. بالمقابل، فإن القانون سوف يحمي المواطن أيضا، من الممارسات التي يمكن أن تحسب على بعض عناصر تلك الأجهزة، من خلال انتزاع الاعترافات بالإكراه، وتحمي المتهم من أية ممارسة تخرق حقوق الانسان، وبهذا يكون القانون قد وازن بين مصلحة الدولة والمجتمع وبين مصلحة الأفراد. كما أن تشريع قانون لأي جهاز أمني، هو ضرورة أمنية واجتماعية، حيث إن القانون، سوف يحدد واجبات كل جهاز، وما له وما عليه، فيعطي لكل جهاز سلطة محددة، يمارسها وفقا لقانونه، ولا يحق له التعدي على سلطات الأجهزة الأخرى، وهو بهذا يطبق الدستور الذي ينص على أن مؤسسات الدولة تمارس اختصاصاتها وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات، وأي سلطة تتعدى على سلطات أخرى، سيكون الابطال مصير تلك القرارات. 

وهذا ما أكدت عليه المحكمة الاتحادية العليا في العديد من قراراتها التي نصت على عدم شرعية أي قرار يصدر من مؤسسة حكومية، يمثل تعديا على صلاحيات جهة أخرى، لأن مبدأ الفصل بين السلطات، مبدأ مهم وأساس في عمل جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها. 

كما ينتظر من مجلس النواب، إقرار قانون الدفاع الجوي، الذي لا يقل هو الآخر أهمية عن باقي القوانين التي تخص الجانب الأمني. خصوصا وأن العراق بحاجة ماسّة إلى القانون، لما يتعرض له من خروقات بين الفترة والأخرى لمجاله الجوي، وهو ما يستدعي وجود قانون نافذ يحدد مهام الجهة الأمنية وواجباتها والإجراءات اللازم اتباعها في حال تعرضت أجواء البلد لاعتداء خارجي. 

إن ما ينعم به البلد من أمان وطمأنينة، ما هو إلا ثمرة لجهود القوات المسلحة والحشد الشعبي، الذين كانوا على أهبة الاستعداد لكل معتد على البلد وأهله. ولازالت صدور الأبطال المقاتلين شامخة بوجه تهديدات الأعداء، لكن بهمة وشجاعة القوات المسلحة والحشد الشعبي، زال الخطر كثيرا عن البلد، لكن يبقى القانون مهما وضروريا، في تنظيم وتقنين عمل أي جهاز أمني أو عسكري، ففي القانون، نصوص تحفظ حقوق المواطن بالدرجة الأساس، من ناحية الأمن حيث يلزم القانون الجهة الأمنية بتأدية واجباتها على أتم وجه، ويعاقب من يتهاون مع مسؤولياته، وفي القانون أيضا نصوص تحفظ حقوق المواطن أيضا في حال تعرض لانتهاك على حقوقه من قبل بعض المحسوبين على تلك الأجهزة. كذلك يحمي القانون حقوق منتسبي تلك الأجهزة سواء التقاعدية أو في حال تعرضهم لإصابة أثناء القيام بواجباتهم. 

لذلك يمكننا القول: بأن للتشريع دورا كبيرا في ترسيخ الأمن، ودعم جهود الدولة ممثلة بمؤسساتها الأمنية والعسكرية في محاربة الجريمة والإرهاب وكل ما يعكر صفو الأمن والأمان للمواطن والوطن.