هل سيُلغي الذكاء الاصطناعي دور الذكاء البشري في الصحافة؟

آراء 2024/07/01
...

 د. حسين محمد الفيحان

 الذكاء الاصطناعي باختصار شديد هو أكساب البرامج الحاسوبية بعض صفات التفكير الإنساني، خاصة فيما يتعلق بالاستدلال والاستنتاج واتخاذ الأفعال، ومع الحديث الدائر عن الذكاء الاصطناعي الا أننا في المراحل الأولى من استخداماته، التي بدأت تنشط في مجالي الصحافة و الإعلام، ببروز الحديث عن «الروبوت الإعلامي» أو «المذيع الروبوت»، و الذي من خلاله يتم انتاج المادة الإعلامية بشكل كامل، وهو ما بدأت تعتمد عليه مؤسسات إعلامية كبرى في كتابة المقالات و البرامج،

الأمر الذي بدأ يهدد المنظومة الإعلامية بكاملها، كون الذكاء الاصطناعي في الاعلام يستطيع أن يقوم بكتابة المادة الإعلامية من خلال تجميعها وإعادة صياغتها وتقديمها عبرَ المذيع الروبوت. 

 إن وجود الذكاء الاصطناعي في كافة مناحي الحياة الإنسانية اصبح واقعاً لا بُدَ من التعامل معه بجدية، على انه «أتى ولن يذهب»، فالذكاء الاصطناعي دخل بالفعل مجالي الصحافة والإعلام، و بلا شك اذا احسنا استخدامه سيفيدنا جدا في اعداد المحتوى الإعلامي الإلكتروني من خلال اعداد الخبر، و ضبط الخبر، و دقة الخبر، وسرعة الخبر، والتأكد من صحة الخبر، عبر الخوارزميات التي تُشَّبَه بأنها طفل صغير كيف ما تُعلمهُ ينشأ، والموجودة في كافة المجالات ومنها المجال الإعلامي، والتي ستساعد كثيرا في صناعة الإعلام، من خلال مساعدتها الإعلامي أو معد البرامج من الوصول إلى المعلومة بسرعة أكبر

ودقة أكثر.

ومع البدايات التي يشهدها الذكاء الاصطناعي في ظهوره بالمجال الإعلامي، إلا أنه استطاع أن يأخذ حيزاً كبيرا من البيئة الإعلامية، وكما أسلفنا فالكثير من المقالات والبرامج اليوم تُكتب وتقدم من خلال الذكاء الاصطناعي، فهو مؤكداً ستكون له مساحة كبيرة في العمل الإعلامي مستقبلا. 

الذكاء الاصطناعي يعتمد على المدخلات التي يتم إدخالها اليه من خلال البيانات الضخمة الموجودة على شبكة الأنترنت أو البيانات التي يتم تغذيتها لهذا الذكاء، فالخطأ الذي قد يحصل فيه هو ليس من الذكاء الاصطناعي نفسه بل من المدخلات، ومع تطور خوارزميات الذكاء الاصطناعي والبرامج المختلفة له، فإن ذلك سوف يُحسن من المخرجات الإعلامية للذكاء الاصطناعي، ليرى البعض أن الذكاء الاصطناعي وفي مراحله المتقدمة، فأنه لن يهدد الوظائف الإعلامية فحسب، بل سيهدد البشرية في أوجه كثيرة، وهو ما دعا عالم الفيزياء الشهير «ستيفن هوكنك» إلى القول: « أن اكثر ما يخوفني على مستقبل البشرية هو الذكاء الاصطناعي»، كما هناك عدد من الدعوات التي اطلقها علماء الوقت الحالي لكبح جماح الاستثمار والتطوير في الذكاء الاصطناعي، معتبريه وفي مراحله المتقدمة مهدداً لبقاء البشرية من الأساس.

ومع المميزات الهائلة للذكاء الاصطناعي، الا أن الكثير يرى انه لن يحل محل الذكاء البشري، غير أنه سيأخذ حيزاً كبيراً من دورنا في الذكاء البشري، فالذكاء الاصطناعي بنهاية المطاف هو أداة الإنسان يستخدمها، وهو اليوم شأنه شأن أي ثورة تكنلوجية عصفت بالإنسان، غير أنها لم تلغي دوره، ولو عدنا للوراء، فان ثورة الانترنت التي كان ضدها الكثير من البشرية، الا أن الانترنت اليوم دخل في كافة نواحي الحياة المهنية والشخصية دون انكفاء دور الانسان الذي عدل في أدائه بما ينسجم و يتوافق معه، وكذا الحال في الذكاء الاصطناعي، الذي يمكن أن يحل مكان الانسان في الأمور الروتينية المُملة كالبحث عن الخبر في ثواني مع توفيره مصادر الاخبار، فمهما يوفره الذكاء الاصطناعي من مواد إعلامية جاهزة، لا بد للإنسان من مراجعتها قبل النشر و التقديم للتأكد من انها تتوافق مع السياسة المطلوبة و المُشتغل بها، بل وحتى مع النفس و الروح الكتابية التي يجب ان تتوفر بالعلوم الإنسانية و الاجتماعية.

وباستخدام الذكاء الاصطناعي بدأت بعض الوظائف الصحفية والإعلامية بالتضرر أكثر وأهما الوظائف الكتابية، التي أثر عليها قبل هذا الانترنت، فالكثير من الصحف المقروءة، التي كانت تباع في المكتبات ويجوب بها الباعة المتجولون الشوارع والأسواق، أصبحت تُقرأ الكترونياً، فالضرر قائم، لكن مقابل ذلك نشأ نوع جديد من الصحافة وهي الصحافة الإلكترونية أو صحافة السوشيال ميديا، التي ورغم التحفظ على الكثير من محتواها، الا انها استطاعت ان توفر بديل سريع يتوافق مع حاجة القارئ.

ورغم كل المخاوف من الذكاء الاصطناعي الا انه سوف لن يحل محل الحدس والاحاسيس والعاطفة والتفكير الإبداعي والتفكير النقدي، وهو ما يحتم علينا من وجود الجرأة ليس في مواجهة الذكاء الاصطناعي بل باستخدامه كواحد من أدوات التكنلوجيا المعاصرة، التي إن لم نستخدمها ونوظفها بالشكل الصحيح فهي ستستخدمنا وتوظفنا.