بغداد: حسين ثغب
توقع خبراء حصول حراك إيجابي في تداولات سوق العراق للأوراق الماليَّة لمختلف الشركات، منطلقاً من جملة المعطيات التي تشهدها البلاد في مقدمتها صعوبة خروج الأموال من العراق، إذ باتت تبحث عن منافذ استثماريَّة جديدة، وتداولات الأسهم أحد أهم هذه المنافذ أمام الكتلة النقدية.
وأكد الخبير الاقتصادي د. سيف الحلفي وجود أسباب حقيقية خلف ارتفاع حجم التداولات في سوق الأسهم العراقية والتي من أهمها وبشكل خاص النمو المتسارع وغير المسيطر عليه، لاسيما قطاع تمويل وشراء العقارات الأقل كلفة في العراق.
وأضاف أنَّ التضخم الكبير في ارتفاع أسعار المنازل داخل العراق والذي قد يستمر بالنمو المضطرب لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات والتي سوف تشهد ارتفاعات جنونية في أسعارها بالشكل الذي يؤدي إلى توظيف اتجاه رؤوس الأموال الكبيرة والتي عجز أصحابها عن تصديرها إلى خارج العراق وتوجيهها إلى استثماراتها الخارجية بسبب صرامة إجراءات الفيدرالي الأميركي والرقابة الصارمة من قبل الخزانة الأميركية على مجمل التحويلات الخارجية.
وأشار إلى أننا نلاحظ أنَّ الطلب المتزايد على العقارات يتجه أحياناً إلى المدن الكبرى مثل بغداد وأربيل والسليمانية والنجف والبصرة وكربلاء، حيث تحسن الاستقرار السياسي والأمني ووفرة عالم الأعمال في القطاع الخاص والتي أثرت بشكل جنوني في زيادة الطلب على العقارات وبنسب تختلف بين الحين والآخر حسب قوة هذه المحافظات وقوة مركز العاصمة بغداد.
وتابع الحلفي أنَّ في المرحلة المقبلة سيشهد اتجاه الطلب انعطافة شديدة بإضافة المحافظات والمدن التي تقع ضمن محور الفاو أم قصر وطريق التنمية مروراً بمدن المثنى والناصرية والتحاقاً ببغداد والموصل، وذلك بسبب تمركز بيئة عالم الأعمال المستقبلي في حوض الفاو وطريق التنمية وهذا ما نهجته قوة انتقال رؤوس الأموال الكبيرة والمتوسطة.
ولفت إلى أنَّ هناك زيادة ملحوظة في تمركز تلك الأموال في البصرة وبغداد مما زاد الضغط على سوق العقارات وخاصة حاجة العراق الملحة سنوياً لأكثر من 250 ألف وحدة سكنية سنوياً.
وذكر أنَّ مشكلة العراق تكمن باعتباره اقتصاداً مرناً وفعالاً، إذ إننا نرى وجود وضوح في السياسة النقدية وأدواتها متمثلة بسياسات البنك المركزي، لكننا على العكس نرى غياباً أشبه ما يكون بالكامل في السياسة المالية للعراق وأدواتها التنفيذية المتمثلة بقدرة الحكومة على فرض الضرائب على مستويات متعددة ومحددة على أصحاب الدخول المالية الشهرية العالية وعلى أصحاب المشاريع الكبيرة في العراق، ويضاف إلى ذلك سياسة فرض الرسوم والتعرفة الجمركية على جميع البضائع والسلع الداخلة للعراق مع سياسة تقليل الإنفاق الحكومي من خلال دعم القطاع الخاص وتشجيعه وتسهيل مهمته في خلق الوظائف للشباب والعاطلين عن العمل.
وقال: هنا نتساءل ونعلل رغبات البنك المركزي الملحة في رفع سقوف نسب رؤوس الأموال للمصارف العاملة في العراق إلى 400 مليار دينار وقد يلحقها في الإسراع الملح والمتزايد برفع نسب الاحتياطات النقدية والائتمانية وهذه الأدوات قد أوضحت رغبة المركزي في تبريد الاقتصاد الساخن المتسارع في قطاع السكن والإنشاءات، ولكن في كل هذه الاضطرابات السوقية في مستويات السيولة النقدية المرتفعة مع نسب التضخم وعدم قدرة هجرة الأموال العراقية إلى الخارج سوف تساعد من الإقبال الشديد في الاتجاه إلى سوق الأسهم العراقية والتي سوف تكون وجهة راجحة وأمينة لتلك الأموال من أجل الحفاظ على قوتها النقدية دون أن تكون لعوامل التضخم القدرة على تقليل قيمتها.
أما عضو منتدى بغداد الاقتصادي جاسم العرادي فأكد أنَّ حجم الكتلة النقدية التي كانت توجه إلى خارج البلاد تغير مسارها الآن إلى السوق المحلية الداخلية، حيث استهدفت العقارات والأراضي ومنها وجهة إلى سوق تداولات الأسهم وإن كان ذلك بشكل نسبي ولكن المعطيات تشير إلى أنَّ التداولات في سوق الأسهم ستكون وجهتها المقبلة.
وأشار إلى أنَّ كثيراً من أصحاب رؤوس الأموال باتوا يدركون أنَّ شراء الأسهم يجعلهم مالكين بنسبة من الشركة بموجوداتها وهذه الأمور شجعت الكثير على شراء أسهم في شركات مساهمة مختلفة، مشيراً إلى أهمية الترويج لثقافة الاستثمار في الأسهم.
وذكر أنَّ رفع حجم التداولات في الأسهم يعكس مدى فاعلية الاقتصاد الوطني، متوقعاً أنَّ الفترة المقبلة سوف تشهد نمواً مرحلياً في تداولات الأسهم من حيث العدد والقيمة.