المثاقفة والخصوصيَّة الوطنيَّة

آراء 2024/07/03
...

 د. نجاة الزغبي


تعرِّف القواميس الأكاديمية المعتمدة في جامعات العالم «المثاقفة» على أنها: الإفادة من حسنات مجتمع متقدم، وتطبيقها بالمعايير الأخلاقية السائدة في مجتمع آخر؛ ما يبعث على التساؤل ببساطة.. ما نفع المثلية وزنا المحارم والمخدِرات، بالقياس إلى فتوحات العلم ومنجزات التكنولوجيا ومعجزات الطب، في العالم الغربي التي أسست حضارة علم تخطيناهما... ولم نستفد من منظومة المعرفة التي شكلت جذراً تأسيسياً لما وصله الغرب من تقدم في الميادين كافة، قدر ما سرقتنا أخطاء اجتماعية يستهجنها أهلها نفسهم.

 للأسف فقد تركنا عظائم المعطيات وتفاعلنا مع ما لا ينفع مجتمعنا، فتحولت منافذ الخطاب العالمي إلى ثغرات دخلت منها ثقافات هجينة كاسحة، تجسدت بسلوك سيئ تلاقفه الأبناء كالنار في الهشيم. ثقافات وافدة دمرت جيلاً، وهي بمجملها لا تستحق خلخلة التقاليد أو ثلمها؛ لأنها لا تقدم خدمة ما لمجتمعنا.

فما الجدوى من التخلي عن رفعتنا باستعارة وضاعتهم.. أو ما هو مبرر في تعاليم أديانهم وقوانين دولهم وأعراف مجتمعاتهم ومستهجن ومحرم وممنوع في مجتمعنا!؟

ربما ثمة ثوابت بحاجة لتحريك إيجابي تقدماً وليس تراجعاً، لكن هذا التقدم وليد حاجة حضارية وليس خسارة قيمية، ما يبعث على التساؤل: ما هي حاجة حضارة المستقبل، لشباب يتزينون بثياب البنات؟ هل سينهي مشكلة الكهرباء وينزه الفاسدين ويؤمن الخدمات المهملة!؟

فـ... بينما العراق ينوء بمصائب موَّارة لو صبَّت على الأيام صرن ليالي، ينشغل الشباب بالبحث عن أنواع المخدِرات و... فاشلين في الدراسة!

و... إيماناً بالتفاؤل في مساحة الحيز الممتلئ من الكأس، يجب أن نعمل على تعليم مثالي واقتصاد يستفيد من ثروات العراق إلى أقصاها؛ وصولاً إلى رفاه يغدق البهجة على الإنسان العراقي.

وحدهما التعليم والاقتصاد مجسان كفيلان بانتشال البلد من مستنقع المثاقفة الضالة، وترسيخ قيم كادت تنهار، وفق جداول ميدانية؛ لإنقاذ الشباب من خطأ المثاقفة التي حادت عن سبيل الهدى الأمثل، تاركة ما هو حسن لاقتباس مساوئ مجتمعات سبقتنا إلى حضارة نبذت الخبث. لفظته فتعالت بيضاء من غير سوءٍ. وإن وجد سوءٌ فيقصى ولا يتاح له تخريب النجاح بضلالة أفراد، أما ما حصل لدينا فالديمقراطية التي أتاحت لنا التثاقف مع مجتمعات موازية، طوقتنا بأخطائها من دون الحسنات؛ فهل تلك هي هويتنا الدارجة؟ 

ذهبنا إلى ما يتناغم مع مكامن النفس الأمارة بالمخدرات وزنا المحارم والمثلية والفساد و... أخطاء أخرى ومضت فأغشت بصيرتنا. الأمل معقود على حضارة الروح في وضع منهاج عمل ميداني لمعالجة الإشكالات العالقة، بهدوء لا يخترق الخطائين قدر ما يرأف بضعفهم الإنساني ريثما يتم إصلاحهم