الإعلانات مظْهرٌ وظيفيّ

آراء 2024/07/09
...

 عصام كاظم جري 


يقينا المهنيّة في العمل الصُحفي تقف في المقدمة، وكلُّ عمل منتج وحرفيّ وصناعيّ وتوعوي بحاجة إلى مسؤوليّة وظيفيّة واهتمام ومعاينة وتواصل وتتبع كلِّ ما هو جديد يطرأ في الساحة من جهة، والابتعاد عن إهمال أي عمل له أثر كبير بدواعي القديم والجديد وتحوّلات الحداثة والكلاسيكيّة من جهة أخرى. 

وربما يذهب بعض العاملين في الحقل الصُحفي إن الاحتفاء بنشر الإصدارات من الكتب صار من الماضي! ويظن بعضهم أننا نعيش الآن في زمن الحداثة، ولا بدَّ من تغيير النمط والمفهوم بدوافع التّجديد والتّغيير، وربما يخضع البعض منهم لسياسة هذه الصحيفة أو تلك بالابتعاد عن الترويج والإعلانات في تقدّيم الكتاب للقارئ. 

والاستفهامات كثيرة منها، هل انتهت صلاحية الكتب من حياتنا؟!

الجواب بالنفي حتما، فما زالت القراءة الورقية تتمتع بالتعافي.

وربما هناك أسباب أقرب إلى الواقع، مثلا أن بعض العاملين في حقل الصحف والمجلات لا تعنيهم فكرة ولادة الكتب وأهمية نشرها! وبالعموم.  

تبقى كل هذه التساؤلات في حيز الظن والشك واللَبس والاحتمالات الممكنة، تبقى أسئلة افتراضية أطلقُها هنا بغية الوقوف على الأسباب، التي من أجلها تم إقصاء وإبعاد منشورات عرض الكتب والإعلان عنها في الصحافة العراقيّة الجديدة.

أما الكتب المترجمة والإعلان عن ترجمة الكتب بشتى أصنافها وعلومها ومعارفها، فقد وقع عليها ظلم الإبعاد من الإعلانات والترويج والنشر في الصحف أيضا. 

ونستطيع القول: كفى بالكتاب والكتاب المترجم يُعدّان من مظاهر النهضة التي سأشير لبعض منها لاحقا في هذه المقالة.

يعدُّ الكتاب من مظاهر النهضة، شأنه في ذلك شأن المطابع العملاقة والجامعات والمعاهد والسينما والمسرح والموسيقى والأوبرا، فضلا عن الإذاعة والتلفزيون والتمثيل والتّشكيل  والزخرفة وصناعة أسس الجمال والصحافة والأزياء والغناء والتجديد في الشعر والأدب والنقد الثقافي... وغير ذلك. 

وبالمجمل لا تنتهي حدوده في بقعة معينة كأحد عوامل النهضة المثيرة، ولن يقف عند فكرتِه وطباعتِه واسم المؤلفِ ونشرهِ وتوزيعِه وتسويقه، أو نوع الورق وعدد الصفحات وعنوان دار الطباعة وغيرها، وإنما يصل إلى آلية أوسع من ذلك حيث تثير أهمية الكتاب عدة أسئلة: مثلا كيفية العمل بتجهيز حملات واسعة الترويج والنشر والتوزيع، وكيفية عرض الكلمات المؤثرة لتسويقه، فضلا عن كيفية بيعه وجني الأرباح منه ورسم سياسة مغايرة في صناعة إعلانات جذّابة ومقنعة وتصميمات مميزة في منصات متنوعة ومنها الصحافة الورقية.

بأبسط الكلمات إن الكتاب أهم أداة للسيطرة على العقل البشري، وبلا أدنى شكّ أن إصدار أي مطبوع جديد يعدُّ ولادة جديدة مهما كان حقل وصنف هذا الكتاب أدبيّا، ثقافيّا، سياسيّا، تاريخيّا، علميّا متخيلا... إلخ، والإعلان عنه أمر مفرح، لسبب أن هذه الولادة صنو الولادات الأخرى، بمعنى لا تختلف عن أي ولادة استثنائيّة في هذا الكوكب. 

والاحتفاء بولادة الكتب ليس بالأمر الغريب في الصحافة العراقيّة، وإنما الغريب هو تغافل وتجاهل وإهمال إعلانات الاحتفاء بهذه الجنبة، وحتما أن هذا الفعل لن يكون مبررا بالمطلق.