أين قانون حماية المستهلك؟

اقتصادية 2024/07/09
...

محمد شريف أبو ميسم 



قبل نحو أربعة عشر عاما تم تشريع قانون حماية المستهلك رقم (1) لسنة 2010، ولكنه لم يدخل حيز التطبيق حتى اللحظة، إذ بقيت حقوق المستهلك مستباحة جراء عدم انتظام علاقات السوق، وغياب السلطات الرقابية التي يمكن من خلالها وضع حد للتجاوزات على هذه الحقوق.

وللمستهلك حقوق معترف بها في مشهد السوق منذ أن تبنت الأمم المتحدة في العام 1985 حقوق المستهلك الأربعة (حق الأمان، وحق المعلومة، وحق الاختيار، وحق الاستماع إليه)، ثم أضافت إليها أربعة حقوق أخرى، لتكون حقوق المستهلك ثمانية، بضمنها (حق إشباع احتياجاته الأساسية، حق التعويض، حق التثقيف، حق الحياة في بيئة صحية).

وعلى هذا فإن الدولة التي تتبنى نظام اقتصاد السوق، تكفل مسبقا حق المستهلك في عدم التعرض إلى المخاطر، جراء تداول المنتجات والخدمات في إطار البنية التي تؤسس للنظام الاقتصادي، وتضمن له أيضا حق التزوّد بالحقائق التي تتعلق بالمنتجات والخدمات بما يعزز حمايته من الإعلانات وبطاقات السلع التي تشمل معلومات مضللة وغير صحيحة.

وما دام (حق الأمان) في صدارة الحقوق التي تبنتها الأمم المتحدة، فإن من الواجب تفعيل قانون حماية المستهلك، وتأسيس المجلس الأعلى لحماية المستهلك لوضع حد للانتهاكات التي يتعرض لها الناس وهم بصدد الحصول على السلع والخدمات في الأسواق المحلية، ليكون (حق التعويض) داعما لحق (الأمان) وفيصلا لوضع حد لهذه الانتهاكات بموجب ما جاء في المادة 6 ثانيا من هذا القانون، إذ يكون للمستهلك (الحق في المطالبة بالتعويض أمام المحاكم المدنية عن الضرر الذي يلحق به أو بأمواله من جراء ذلك)، وهذا الأمر ينطبق على عموم التداعيات التي قد تسببها السلع والخدمات التي يقوم بشرائها المستهلك بهدف الاستفادة منها، وفق ما هو معلن. 

فإذا كان نحو 36 بالمئة من السلع التي تغرق الأسواق هي خارج سيطرة جهاز التقييس والسيطرة النوعية بحسب مصدر مسؤول في هذا الجهاز، فإن نحو نصف الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص هي خارج الرقابة الحقيقية، وكثيرا ما تلحق الأذى بأرواح الناس وفي مقدمتها الخدمات الطبية التي يحصل عليها الناس من العيادات والصيدليات ومراكز الفحوصات في عديد من مناطق بغداد والمحافظات، والمشكلة الرئيسية هنا، أن المريض بوصفه مستهلكا، لا يعرف إلى أين يتجه ليشتكي بسبب الضرر الذي لحق به جراء التشخيصات غير الدقيقة التي تترتب عليها عمليات كبرى، أو استخدام أدوية تلحق الضرر بحياة المريض، أو الضرر الناجم عن إدخال المريض في دوامة الاستنزاف المالي من مكان إلى آخر، بوصفه رقما ضمن صفقة تداولية بين أركان بعض بائعي الخدمات الطبية.