استقرار العراق.. استقرار العالم

آراء 2024/07/10
...

  سعاد حسن الجوهري

أبسط قراءة لمعطيات الساحة العراقية وتماسها مع محيطها الإقليمي والدولي، تقودنا إلى حصول تغيير في القراءة الإقليمية والدولية، تجاه العراق والتي صارت ترى استقرار العراق شرطا أساسيا لاستقرار المنطقة ودولها.
فالعراق اليوم يؤمن بأهمية الحوار، لحل اشكاليات المنطقة وتغليب محور الاعتدال والوسطية على المحاور الأخرى، ويحرص على الدعوة لاستثمار المشاريع الاستراتيجية في المنطقة، لتكون عامل جذب ووحدة بين دولها.
فطبيعة هذه المتغيرات الإيجابية أصبحت شاخصة للعيان، وإن ذلك يعود لأسباب عدة أهمها الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني، ما أسهم في تحريك عجلة البناء والإعمار المتسارعة إلى جانب السياسة الخارجية، التي اعتمدتها الحكومة في مضمار حركتها إقليميا ودوليا.
فالمتتبع لحديث رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال استقباله وفد المؤسسة الأوروبية للحوار والتنمية يلمس هذا التأكيد على أن العالم أدرك أهمية استقرار العراق للأمن الدولي والإقليمي.
الحديث لم يقف عند هذا الحد بل شمل التأكيد على أهمّية ما يتمتع به الشعب العراقي من تنوّع ثقافي واجتماعي، يمثل ثروة اجتماعية، تدعم التواصل بين الأطياف المتآخية، وترسّخ وحدة الصف ضدّ التطرّف، الذي يمثل فكراً غريباً عن شعبنا وتاريخه.
اما رؤية العالم الخارجي للعراق فقد خلصت إلى دعم الحكومة العراقية المُستمر لهذا التنوّع، وتعزيز دُور العبادة لكل الأديان والطوائف وحرية الممارسات فيها، وعلى امتداد العراق الزاخر بالمساجد والجوامع الإسلامية، والكنائس المسيحية، ومعابد الصابئة المندائية والإيزيدية، وباقي مكونات الطيف العراقي.
والعالم يدرك جيدا ان ما تحقق لم يأت من فراغ، بل رغم انف الإرهاب الاهوج الذي حاول تفكيكَ هذا الموروث والنسيج التاريخي، وأن انتصار العراقيين وتجاوزهم تلك المحنة، وما يمر العراق به الآن من التعافي على مختلف المجالات، مثلما أدرك العالم أهمية استقرار العراق للأمن الدولي والإقليمي، وما سارت عليه الحكومة العراقية في برنامجها المعزز لمبدأ حكومة الخدمات ورعاية المجتمع، وتحديد الأولويات في الخدمة العامة، والإصلاح الاقتصادي، ومكافحة الفساد، ومحاربة الفقر والبطالة، لتعزيز قيمة المواطنة لدى مختلف اطياف الشعب دون تمييز.
وهنا تبرز طبيعةَ العلاقات البناءة التي انتهجتها الحكومة العراقية مع دول العالم، وآفاق الشراكات المثمرة، مع دول الاتحاد الأوروبي وما جرى توقيعه من اتفاقيات ومذكرات تفاهم، أو مع دول الجوار والدول الإقليمية، عبر اعتماد مبدأ المصالح المتبادلة، وهي واحدة من نتائج استقرار التجربة العراقية، رغم ما واجهتها من مشاكل تغلّب عليها العراقيون بالبناء الديمقراطي، وترصين مؤسسات الحُكم الدستورية، بأفضل صورة من بين صور الديمقراطيات الموجودة في المنطقة والعالم
حتى.