طالب سعدون
انصب اعتراض المعترضين على ترشيح الرئيس الامريكي جو بايدن لولاية ثانية على كبر سنه، وتركوا قضايا اخرى مهمة تتعلق ليس بامريكا في الداخل فقط، وانما بالعالم ايضا ومنها العدوان على غزة والاعتراضات، التي عمت وسط الشباب وخاصة في الجامعات بسبب دعمه للعدوان واستمراره كل هذه الاشهر الطويلة والضحايا الكثيرة من الفلسطينيين من مختلف الاعمار وخاصة الاطفال والشيوخ والنساء.. من ناحية العمر يُعد بايدن الاكبرمن كل الرؤساء الامريكيين. ومن سوابقه العمريه أنه لم يحصل لرئيس امريكي قبله أن أوقد الشمعة الثمانين، وهو في البيت الابيض اذ دخله في العمر 78، وسيكمل عمره 82 في ختام ولايته الاولى..
اما منافسه دونالد ترامب فيعد الثالث في التسلسل العمري ياتي بعد الرئيس ريغان، الذي اصبح رئيسا وهو في سن 69 وانتهت ولايته بعمر 77 وهو العمر الذي يدخل فيه ترامب المنافسة على ولاية ثانية يليه ايزنهاور، اذ كان عمره 70 عاما عندنا ترك الرئاسة.
للعمر أكام كما يقال وقد ظهرت واضحة على بايدن في المناظرة الاولى مع غريمه ترامب التي جرت قبل ايام حيث كان مخيبا لانصاره وحزبه مما دعا اعضاء فيه إلى انسحابه وترشيح اخر مكانه امام ترامب الذي حاول ان يخرج عن احكام العمر بظهوره اكثر لياقة ونشاطا وحيوية من بايدن الذي ظهر شارد الذهن ومرتبكا، رغم فارق السن البسيط بينهما ( ثلاث سنوات ) واعقب بايدن المناظرة (الكارثية ) بزلة لسان اخرى تضاف لزلاته السابقة بدا فيها واضحا عدم تركيزه عندما وصف نفسه في مقابلة على محطة ( وورد الاذاعية ) في فلاديفيا كجزء من حملته الاعلامية ( بأول امراة سوداء تخدم مع رئيس اسود ) في اشارة إلى عمله نائبا للرئيس أوباما.
بهذا الظهور البائس وضع بايدن حزبه في حرج شديد وليس امامهم من سبيل غير قبول استمراره مرشحا بسبب ضيق الوقت اذ لم تبق الا اشهر قليلة على الانتخابات، وهذا يتطلب منهم اذا رشحوا بديلا عنه وقتا طويلا للأعداد والتنظيم والتعبئة والقيام بحملة يشك الكثير بنجاحها، خاصة اذا لم يكن البديل شخصا معروفا كبايدن الذي حصل على اصوات عالية في الترشيح تفوق الاخرين من حزبه.. لذلك تذهب الكثير من الاراء إلى توقع خسارة الحزب الديمقراطي امام الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل سواء استمر بايدن في المنافسة أو جاء غيره.
صحيح للعمر أحكام لكن قد تخطئ هذه الأحكام ايضا اذا ما جاء ترامب مرة اخرى.. ولهذا يتحسب العالم ومنطقتنا بالذات من الان لهذا الاحتمال مستذكرين سوابقه وهي كثيرة ومنها انسحابه من الاتفاق النووي ( 5+ 1 ) مع ايران والقضية الفلسطينية وتنفيذه لوعده في الانتخابات الاولى بانتقال السفارة الامريكية في اسرائيل من تل ابيب إلى القدس، وتلك خطوة لم يقدم عليها اي رئيس امريكي، رغم كونها من المحاور الاساسية في الدعاية الانتخابية في برنامج اي مرشح امريكي للرئاسة واعلانه باعتراف امريكا بضم الجولان للكيان الصهيوني وكذلك بالنسبة إلى الحرب في أوكرانيا، فهو له رأي خاص اعلنه صراحة بانه لوكان رئيسا لم تحصل الحرب وانه سيوقفها من خلال الرئيسين الروسي والاوكراني الذي وصفه في تجمع انتخابي بانه اشطر بائع ففي كل مرة ياتي إلى امريكا لا يغادرها الا ومعه ما لا يقل عن 60 مليار دولار متهما بايدن بهدر الاموال.
بايدن وترامب رئيسان ينفذان سياسة امريكية واحدة يحركها اللوبي الصهيوني خاصة في ما يتعلق بقضية فلسطين ولكل منهما ( بصمته ) في دعم الكيان الصهيوني..
بايدن الذي شارك في العدوان على غزة بقوة بمختلف الوسائل العسكرية والاعلامية والدبلوماسية واستخدام الفيتو في مجلس الأمن دعا إلى حل القضية باقامة الدولتين ولم يتمكن من ذلك امام اصرار نيتنياهو.. اما ترامب فهو لا يؤمن باقامة دولتين بل يدعو إلى دولة واحدة هي اسرائيل وعاصمتها القدس الشرقية والغربية وتضم الاسرائيليين والمسلمين والمسيحيين.. وقد يكون ذلك السبب الرئيس لاصرار نيتنياهو على العدوان واطالة امد الحرب على غزة على امل ان ياتي ترامب إلى الرئاسة ويحقق فكرته باقامة دولة اسرائيلية واحدة وهو الحلم الصهيوني القديم، وبذلك ينقذ ترامب نيتنياهو من ورطته في الحرب الذي خسرها منذ اليوم الاول لعدوانه على غزة ويتعرض إلى مساءلة قد تخسره كل شيء..لكن فات ترامب ان الوضع قد تغير بعد عزة وما كان قبل العدوان اصبح من الماضي.