ملامح وقواعد جديدة للعبة

آراء 2024/07/15
...

 محمد شريف أبو ميسم 

 

على ضوء المتغيرات التي يشهدها العالم، يمكن النظر من زاوية جديدة في ملامح منطقة الشرق الأوسط، وهي المنطقة الأغنى بمصادر النفط والغاز والخامات الأخرى، فضلا عن هيمنتها على ثلاث ممرات مائية عالمية، ويتوقع مد شبكات عديديد للطرق البرية وسكك الحديد باتجاه أوروبا وآسيا، لتكون بعد بضع سنوات من الآن ممرا لنحو 50 بالمئة من حركة التجارة العالمية، بجانب رغبة شركات العولمة في جعلها بيئة مناسبة للاستثمار، عبر نقل الصناعة من الشمال (هروبا من القوانين الصارمة ذات الصلة بالحفاظ على البيئة أو الحد من التغيرات المناخية أو دفاعا عن حقوق العمال وتنظيما لبيئات العمل والضمانات الصحية المبالغ بها في دول الرفاه)، نحو بيئة استثمارية خالية من هذه الضغوط والمحددات ومتخمة بوفرة المواد الخام ومصادر الطاقة والايدي العاملة الرخيصة والأسواق الاستهلاكية، بالتساوق مع معطيات المشروع الصهيوني لإقامة دولة اسرائيل الكبرى من الماء إلى الماء، ما يجعل الطرف القائم على هذا المشروع حريصا على الحلول الدبلوماسية خشية على معطيات التأسيس وما أنفق عليها، بعد أن انعكست الحرب في أوكرانيا والحرب في غزة سلبا على قواعد اللعبة، التي كانت قائمة على القوة واحتكار عناصر التفوق. 

ومن هنا ظهرت قواعد جديدة في لعبة الصراع بين الارادات الدولية، وأولى هذه القواعد أن يتم ابعاد الصراع عن ساحات الدول المتصارعة، والاكتفاء بساحات الدول التابعة، لأن الأحداث أثبتت ان امتداد الصراع إلى ساحات الدول المتصارعة يكون له وبالضرورة ردات فعل لا يحمد عقباها على الطرف الآخر. 

والقاعدة الثانية أن ليس من مصلحة أي طرف أن تنزلق الأحداث إلى التصعيد خشية التوسع في الحرب والانجرار إلى حرب عالمية، بعد ثبوت امكانية دخول أطراف دولية تتربص، لتكون لاعبا مهما في منطقة ذات صلة مباشرة بمستقبلها.

والقاعدة الثالثة قائمة على إعادة النظر بالطرف الآخر، إذ إن الطرف الذي ما زال يشعر بالتفوق العسكري، وما زالت رغبته في الهيمنة قائمة، بات يدرك أن أدوات التفوق العسكري والعلمي باتت في متناول الطرف الأخر، فيما يشعر هذا الآخر أن ليس من مصلحته في هذا الوقت أن ينزلق لحرب دون أن يتمكن من كل الأدوات، لتكون مصالح كل الأطراف مهددة في حال اندلاع الحرب وانزلاقها إلى حرب عالمية. 

فيما تتضمن القاعدة الرابعة، استباحة مساحة الصراع في بلدان الشرق الأوسط عبر تحديث الأدوات التقليدية للاطاحة بالآخر، وفي مقدمتها وسائل الاعلام ومواقع التواصل، وتوظيف الأفراد والجماعات والمؤسسات الدولية قدر المستطاع لتدجين الرأي العام أو مناقلته للضغط على الآخر أملا في كسر شوكته.