الدولار يتذبذب وسط إجراءات محكمة للسلطة النقدية

اقتصادية 2024/07/16
...

 ‏بغداد: حير فليح الربيعي
شكران الفتلاوي

على مسافة أيام من تطبيق قرار البنك المركزي القاضي ببيع الدولار للمسافرين في المطارات حصراً، شهدت أسعار صرف الدولار تذبذب واضح في الأسواق الموازية، إذ تجاوزت حاجز الـ 150 ألف دينار لكل 100 دولار، وهو الرقم الذي يرى مختصون إمكانية (استقراره أو تراجعه) خلال الفترات المقبلة نتيجة الاستمرار بتلبية متطلبات التجارة الخارجية من قبل البنك المركزي، والتي يمكن أن تؤدي إلى انحسار أثار السوق الموازية، مؤكدين ضرورة مضاعفة جهود إنجاح التجربة الجديدة لمنح دولار المسافرين خشية استمرار ارتفاع العملة الخضراء.
ودخل قرار البنك المركزي القاضي بمنح العملة الخضراء للمسافرين من المطارت بشكل حصري، حيز التنفيذ، وسط ترقب بشأن استمرار تذبذب سعر الصرف في السوق الموازية، والتي يخشى مراقبون أن تؤثر في القيمة الشرائية للأسعار، في حين يرى مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، الدكتور مظهر محمد صالح، عكس ذلك، حيث يبين أنه ومن خلال "قوة سوق الصرف المركزية الرسمية، فإن سعر صرف الدولار إلى الدينار في السوق الموازية لا يشكل أي أهمية نسبية بالتأثير في استقرار المستوى العام للأسعار، الذي أصبح مستقراً في مركباته واتجاهاته جرَّاء تأثير عامل سعر الصرف الرسمي السائد" .
وسط ذلك، يعتقد خبراء في الشأن الاقتصادي، أن من بين أدوات السيطرة على أسعار الصرف، هو الإجراءات الأخيرة المتمثلة بإدخال نظام برنامج أتمتة معطيات الجمارك (أسيكودا)، مؤكدين أن ذلك الإجراء الحكومي المهم يعد جزءاً أساسياً في الحد من ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي .
وقال مستشار الشؤون المالية، الدكتور مظهر محمد صالح، أمس الأحد، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "هناك عاملاً دولياً يفرض ضوابط ما يسمى بالامتثال المصرفي في تمويل الطلب على الدولار من حسابات بلادنا المصرفية الدولية بالعملة الأجنبية، كما وهناك عامل داخلي مستفيد من تصرفات وضغط العامل الخارجي بغية تحصيل مكاسب ربحية قدرية أو طارئة ولاسيما في معاملات الدولار النقدي" .
وأوضح،أن "هيمنة نظام سعر الصرف الثابت في العراق والقائم على قاعدة احتياطيات دولية تعد هي الأعلى في تاريخ العراق وسياسته النقدية، إذ تغطي العملة الأجنبية نسبة تزيد على 100 بالمئة من إجمالي العملة المصدرة حالياً" .
وتابع: "ومن خلال قوة سوق الصرف المركزية الرسمية، فإن سعر صرف الدولار إلى الدينار في السوق الموازية في بلادنا لا يشكل أي أهمية نسبية بالتأثير في استقرار المستوى العام للأسعار، الذي أصبح مستقراً في مركباته واتجاهاته جرَّاء تأثير عامل سعر الصرف الرسمي السائد والمهيمن حالياً في تمويل التجارة الخارجية (الاستيرادية) والبالغ 1320 ديناراً لكل دولار وهو المسؤول عن تمويل 90 بالمئة من تجارة العراق الخارجية" .
وأكد، أنه "بعد اضمحلال ظاهرة الدولرة في المعاملات الداخلية ولاسيما في العقود والالتزامات والمدفوعات داخل البلاد منذ العام الماضي وحظرها قانونياً، فإن سوق الصرف الموازية أمست لا تشكل تأثيراتها العامة إلا على نطاق اقتصادي ضيق من المعاملات المحظورة، تمارسها الأسواق غير النظامية وبنسبة 10 بالمئة من إجمالي معاملات العرض والطلب على العملة" .
ولفت إلى، أن "استقرار سعر صرف الدينار إلى الدولار الذي تشهده البلاد حتى في الأسواق الثانوية هو استقرار حقيقي وراسخ، بل هو مشتق من قوة تأثير العوامل السعرية والكمية للسياستين النقدية والمالية وتكاملهما في فرض الاستقرار السعري الكلي في البلاد، واحتواء التوقعات التضخمية التي كانت تحدثها قوى السوق الموازية للصرف خلال السنوات الماضية" .
يذكر أن مبيعات البنك المركزي من العملة الصعبة، بلغت الأسبوع الماضي أكثر من مليار دولار عبر مزاد العملة الذي أُجري على مدى أربعة أيام، بمعدل يومي بلغ 272 مليون و80 مليوناً و 368 دولاراً، في حين سجلت مبيعات الحوالات الخارجية 991 مليوناً و 141 ألفاً  و 473 دولاراً، وهو الأمر الذي يؤشر، وفقاً لمختصين، إمكانية حصول استقرار نسبي واضح في مختلف أسعار السلع والمواد، وعدم تأثرها بسعر الصرف الموازي.
وتهدف الآلية الجديدة لمنح "الدولار" وفقاً للبنك المركزي، هو وصول العملة الأجنبية للمسافر الحقيقي وتمرير معاملات سليمة، فضلاً عن تسهيل وصول المسافرين إلى الدولار بشكل أسرع.
وبحسب "السلطة النقدية" فإن الآلية تتضمن قيام المسافر بالتوجه إلى شركات الصرافة المجازة المنتشرة في جميع المدن لتسليم المبلغ بالدينار المعادل لحصة المواطن من الدولار وفق سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي العراقي إذ ستعمل الشركة على إدخال بيانات المواطن المسافر ورفع اسمه في المنصة الإلكترونية الخاصة بالبنك المركزي العراقي وتسليمه وصلاً يؤيد عملية إيداعه الدينار، لاستلام الدولار النقدي داخل المطار حصراً.
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي، خلال حديثه لـ"الصباح" وجود عدة عوامل مرتبطة بشكل وثيق تسهم بارتفاع سعر الصرف، بعضها حقيقية وأخرى نفسية، حيث تتمثل العوامل الحقيقية بإيقاف التحويلات المصرفية باليوان الصيني نتيجة وجود شبهات فساد حول الموضوع، فضلاً عن  إيقاف ضخ الدولار النقدي في السوق الموازية والإجراءات الجديدة للبنك المركزي التي تحصر البيع في المنافذ الجوية
المطارات.
كما عزا الخبير المرسومي، أسباب التذبذ الحاصل، إلى إطلاق الموازنة العامة للعام 2024 والمصادقة على جداول الموازنة، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة الإنفاق العام بشقيه التشغيلي والاستثماري وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى زيادة الطلب الاستهلاكي وزيادة الطلب الاستثماري وبالتالي زيادة الاستيراد وزيادة الضغط على الدولار.
وفي ما يتعلق بالعوامل النفسية، أشار المتحدث، إلى أن "التخوفات لدى المواطنين ذهبت باتجاه إمكانية ارتفاع الدولار بالمستقبل القريب ولذلك أصبح هنالك تهافت كبير على شرائه من السوق  الموازية، الأمر الذي تسبب بارتفاع سعر صرفه بنسبة 3 إلى 4 بالمئة، متوقعاً أن "تهدأ السوق قريباً نتيجة عدة عوامل، أبرزها المفاوضات التي يمكن أن يجريها محافظ البنك المركزي في وشنطن بشأن التحويلات المصرفية" .