تحذيرٌ أمريكيٌ للحكومة السوريَّة

آراء 2025/01/07
...

 محمد علي الحيدري

في 29 ديسمبر 2024، جاء التحذير الأمريكي لوزير الخارجية السوري في الحكومة الانتقالية، أسعد الشيباني، ليكشف عن قلق بالغ من استمرار الهجمات الانتقامية، التي تستهدف الأقليات الدينية والعرقية في سوريا.

جاء هذا التحذير على خلفية تقارير تفيد بأن جماعات مسلحة، يُحتمل أن تكون مرتبطة بالفصائل الحاكمة، هي من تقف وراء هذه الهجمات التي أودت بحياة العديد من الأبرياء. هذه التطورات تثير تساؤلات حول الدور المحتمل لبعض الفصائل العسكرية في استمرار العنف الطائفي والعرقي في مناطق عدة من سوريا، وهو ما يهدد عملية الانتقال السياسي في البلاد.

وقد أكد المبعوث الأمريكي دانييل روبنشتاين، خلال لقائه مع الشيباني، أن الولايات المتحدة تتابع بقلق بالغ تقارير الهجمات التي استهدفت الأقليات في شمال غرب سوريا، في وقت كانت فيه هذه الأقليات تمثل أحد أطياف المجتمع الذي دُمرت معظم مدنه. وحذر روبنشتاين من أن هذه الهجمات قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني وتدمير أي آمال في إعادة بناء سوريا بشكل شامل ومستدام.

من جهة أخرى، أبدى الشيباني تفهمه للتحذيرات الأمريكية، لكنه أشار إلى أن هذه الهجمات لا تعكس سياسة الحكومة الانتقالية، وأن معظم هذه الأعمال كانت من تنفيذ جماعات مسلحة غير خاضعة لسيطرة الدولة. لكن ما يقلق المجتمع الدولي هو احتمال أن بعض الفصائل الحاكمة قد تكون على علم بهذه الهجمات أو قد تكون متورطة فيها. ذلك أن بعض التقارير تشير إلى أن الفصائل التي تدير بعض المناطق، قد تستخدم هذه الهجمات كأداة للضغط على الأقليات التي تتمتع بنفوذ سياسي أو عسكري في تلك المناطق. كما أن التاريخ السوري المعاصر شهد العديد من المحاولات من قبل أطراف سياسية وعسكرية لإدامة الانقسامات الطائفية والعرقية، مما يزيد من المخاوف من أن هذه الهجمات قد تكون جزءا من استراتيجية لخلق فتنة دائمة تسهل السيطرة على مناطق معينة.

وفي هذا السياق، تتزايد الضغوط الدولية على الحكومة الانتقالية للقيام بخطوات ملموسة، من أجل وقف هذه الهجمات وضمان حماية جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم. وقد شدد المبعوث الأمريكي على أن الحل الحقيقي، لا يكمن في محاربة الأقليات أو تهديدها، بل في بناء دولة مدنية تعتمد على المساواة والتعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع السوري.

في الوقت نفسه، تضع هذه الهجمات العقبات أمام مساعي الحكومة الانتقالية للحصول على الاعتراف الدولي ودعم إعادة الإعمار.

إن التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية تتفاقم مع استمرار هذه الهجمات، حيث يظل التساؤل عن دور الفصائل المسلحة في هذه الهجمات مفتوحا. قد يكون هذا الدور خفيا، لكن المخاوف من أن يكون لهذه الفصائل يد في تأجيج العنف لا تزال قائمة. وفي حال تبين أن هذه الفصائل تقف خلف الهجمات الانتقامية، فإن ذلك سيعقد أي محاولات لتحقيق الاستقرار السياسي في سوريا.