لهجة بغداد مطلع القرن العشرين

ثقافة شعبية 2020/05/01
...

 باسم عبدالحميد حمودي
الحديث عن تأثر اللهجات المحليَّة بلغات ولهجات الدول الأخرى يستلزمُ حواراً فيللوجياً موسعاً طريفاً, لكننا هنا نحاول تبسيط الأمر وحصره 
في تجربة قام بها الضابط العراقي المتقاعد 
من الجيش العثماني المرحوم محمد رؤوف طه الشيخلي.
السيد الشيخلي كان أحد ضباط الجيش العثماني وقد أسِرَ خلال الحرب العالميَّة الأولى ونقل الى الهند، إذ أمضى في الأسر نحو خمس سنوات قبل أنْ يعودَ الى بغداد بعد ثورة العشرين ليعملَ في وظائف مدنيَّة متعددة ثم تقاعد مستمراً في كتابة مذكراته التي أصدرها ولده المهندس أحمد بعد وفاة المؤلف نهاية عام 1965.
أطلق الشيخلي على مذكراته التي صدرت في جزأين تسمية (مراحل الحياة في الفترة المظلمة وما بعدها) ويضم تجربته العسكريَّة والميدانية وتجواله بين الدول مقاتلاً أو أسيراً, مع مراجعة مستمرة للبيئة والسكان واللغة في كل مكان.
خصص المؤلف للغة 
بغداد الشعبيَّة الكثير من التفاصيل الطريفة ولكنه في الصفحة91 وما بعدها من الجزء الأول يتحدث عن دخول كلمات من دول أخرى الى العاميَّة البغداديَّة وتداولها شعبياً كجزءٍ منها ومثاله:
أخذت لهجة بغداد من الروسيَّة: استكان – سماور كمثال, ومن الفارسيَّة (بالة) بالباء المعجمة بمعنى قدح, و(سرداب) 
وهو معروف و(طرشي) وهو المخلل, و(كباب) وهو شواء معروف، و(بوشي) بالباء المعجمة بمعنى نقاب, و(تازه) بمعنى طري, و(جاره) 
بالجيم المضخمة بمعنى: وسيلة, كقولهم: سوولي جارة, في الأغنية الشعبيَّة. وكذلك مثل 
(جارك) بالجيم المضخمة بمعنى: ربع كيلو, وغيرها كثير.
وأخذت من الانكليزية: كتلي من kettie وكلاص glass وبطل botlle ولمبة Lamps وغيرها كثير.
وأخذت من الفرنسية: فانيله – شمندفر 
(بمعنى قطار)-تنته (للسيارات) – بلتيقه (حيلة) وغيرها، وأخذت من التركية: جالغي (الفرقة 
الموسيقية أو الحفل) وخاشوكة (الملعقة) وكوتره (بدون قياس) وقلبالغ (ازدحام) و(دوندرمة) وهي نوع من المرطبات التي صار الايس كريم بديلاً لها اليوم.
ومن الطبيعي أنْ يكون هناك تغييرٌ في المصطلح، 
فلم يعد أحد يقول (قلبالغ) عن الازدحام ولا (شمندفر) عن القطار, فاللغة العامية مثل الفصحى تأخذ 
وتعطي وتتطور, كما أنَّ السفر والاطلاع والاحتكاك بالعالم الخارجي باستمرار في الزمن الحالي وجب الكثير من التغيرات في العامية نتيحة لذلك, فضلاً عن وجود المسلسلات والأفلام الأجنبيَّة بشتى اللغات, وهو أمرٌ أثر في العاميَّات العراقيَّة في كل مدينة ومحفل.