كورونا يغيرنا

بانوراما 2020/05/19
...

ميادة سفر
 
لم يشأ فيروس كورونا «كوفيد - 19» أنْ يترك آثاره على الحياة الصحية للأفراد وحسب، بل تعداها ليلامس الجوانب الاجتماعية والحياتية بما تتضمنه من عادات وممارسات مختلفة.
من الواضح أنَّ الحياة على هذا الكوكب لن تعود كما كانت قبل انتشار الفيروس التاجي، الذي تمكن خلال أسابيع قليلة من تغيير الكثير من العادات الاجتماعية التي وسمت حيوات الأفراد في مختلف البلدان التي اجتاحها، بدءاً بالمصافحة وتجنب الأماكن المزدحمة إلى المكوث في البيت أو الأصح العودة إليه «بعد أن اعتاد الكثير منا قضاء معظم وقتهم خارجه» وصولاً إلى آثاره على الاقتصاد وإيلاء اهتمام أكبر بالنظام الصحي والشؤون الطبيَّة.
إذا تسنى لنا أنْ نشهد انحسار هذا الوباء العالمي يوماً ما لا بدّ أننا سنلاحظ التغيرات التي ألمحت إليها أعلاه، فما علينا اليوم إلا أنْ نتذكر كيف كنا نتصرف ونمضي أوقاتنا قبل «كورونا» لنستكشف الثابت والمتحول في تلك الممارسات، لما لا ندونها اليوم ونعود إليها لاحقاً، لربما سنفاجأ أننا كنا نصافح ونعانق الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل، ولا نتردد في تناول طعام ما بدون غسل أيدينا، وكم أمضينا أوقاتاً في المقاهي والمطاعم والملاهي، وكيف أننا كدنا ننسى أمهاتنا وآباءنا واخوتنا في غمرة انشغالنا بالعمل حيناً ومع الأصدقاء أحياناً كثيرة.
الحوادث والأحداث التي تصيب الأفراد والدول تترك آثاراً وتغير عادات واهتمامات الأفراد، وربما سياسات إذا تحدثنا على مستوى الدول، لذا يصح القول «ما بعد كورونا ليس كما قبله».
إذا قمنا بجولة سريعة على تلك المستجدات التي طرأت على حياتنا بعد «الفيروس المستجد» للاحظنا أموراً عدة، فأينما ذهبت تفاجئك ورقة هنا وهناك في المكاتب مدون عليها عبارات مثل «ابتسامتك أفضل من مصافحتك» وغيرها من إيحاءات تدعو إلى تجنب المصافحة تجنباً للعدوى، تلك واحدة من الأمور التي برزت مع ظهور الوباء ويبدو أنها ستستمر؛ لأنَّ ممارسة فعل ما لفترة زمنيَّة يحوله إلى عادة، ومع الوقت يستعاض عن المصافحات والمعانقات بالابتسامات أو الانحاء أو مجرد إلقاء السلام مشافهة ألا يكفي؟
انتشار هذا الفيروس التاجي فرض التباعد الاجتماعي بين الناس واقتصرت العلاقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي «عن بعد»، ما يعني التقليل من المناسبات والأنشطة الاجتماعية لاحقاً التي كانت ترهقهم وتأخذ حيزاً لا بأس به من أوقاتهم.
بدأ الأشخاص نساءً ورجالاً يتفننون بتحضير الطعام المنزلي خلال فترة الحظر المفروض، الأمر الذي ينبئ بالاستغناء عن المطاعم والطعام الجاهز أو على الأقل التخفيف
 منه.
أمورٌ كثيرة بدأت بالتغير منذ انتشار الوباء ستفرض علينا جميعاً شئنا أم أبينا، قد تكون فرصتنا اليوم في هذا العالم للنظر للمستقبل الأكثر أمناً وإعادة الاهتمام بالإنسان وصحته والتفكير بكيفيَّة الحفاظ على هذا الكوكب والنأي به عن الحروب والقتل والتدمير.