شارع الرشيد في شهادة جديدة

ثقافة شعبية 2020/06/13
...

جعفر عبد الامير لبجة
 
يكاد أن يكون شارع الرشيد قلب بغداد النابض أكثر المعالم العراقية التي نالت اهتمام الكتاب والمتتبعين. على الرغم من ان الشارع حديث الظهور إذ لم يمر الا نحو مئة عام على افتتاحه في تموز عام 1916 على يد والي بغداد خليل باشا كما هو شائع بين المؤرخين. لقد كتب الكثير عن شارع الرشيد وعن معالمه وأهميته التاريخية والحضارية والمعمارية وغير ذلك. حتى لتصبح هذه المدونات مكونة لمكتبة خاصة بذلك. تضمنت هذه الكتب المواد الدراسية المتنوعة والمشاهدات المختلفة والذكريات الجميلة لهذا الشارع وما يضمه.

 الا ان العديد منها كتب بأيدي قد تكون بعيدة عن واقع الشارع. فهي ذكريات أو مشاهدات خارجية لسطح الشارع كتبت بعد اعجاب بالشارع فحسب وبعبارة أكثر دقة انها ذكريات لمن هو ليس من ابناء محلات هذا الشارع العتيد. قريباً صدر كتاب الاستاذ سعدون الجنابي المترجم القدير عن شارع الرشيد (رحلة في ذاكرة شارع الرشيد) والذي اعتقد انه من الشهادات المهمة لسبب رئيس هو ان اسرة كاتبه قد سكنت محلة من محلات الشارع وولد هو فيها وهي محلة (المربعة) كما ان اسرته الجنابية قد كونت محلة خاصة بهم وباسمهم ليس بعيدة عن محلة (المربعة) ومحلة الجنابيين وازقتها لم يبق منها الآن الا اطلال وجدران قديمة وهجرتها الاسر الكريمة وتحولت تلك الازقة الملتوية الصغيرة الى محال ومخازن تجارية. 
يقول المؤلف الفاضل في مقدمة كتابه تعتمد هذه الدراسة على مذكرات ومشاهدات شخصية للكاتب على مدى اكثر من نصف قرن. فقد ولد في محلة المربعة التي تعد محلة التعايش الديني بحق إذ سكنها يهود ومسيحيون ومسلمون من الطوائف كافة. مؤكدين مشتركاتهم الانسانية ومرجعيتهم الوطنية. العيش في محلة المربعة يعني ان نكون ملتصقين بشارع الرشيد حقاً، ملعب مراحل الطفولة والشباب.
 كتب الاستاذ سعدون الجنابي مشاهداته ووضع ما خزنته ذاكرته في هذا المدون الجدير بالاكبار والثناء. وقدمه للاجيال القادمة التي لا تمتلك فكرة عن مكان كان مركز اشعاع وطني يغطي المدينة بل والبلد كله. 
اختار الكاتب (عملية اذا صحت العبارة) بجمع ما تضمه ذاكرته اليقظة ومشاهداته، فوزع كتابه توزيعاً جغرافياً لمسار الشارع من شماله حيث الباب المعظم حتى جنوبه حيث الباب الشرقي. وكان قسمه الاول يضم الحديث من المسافة الممتدة من الباب المعظم حتى ساحة الامين او ساحة الرصافي والقسم الثاني يتحدث عن الشارع من ساحة الرصافي حتى منطقة رأس القرية و القسم الثالث من منطقة رأس القرية حتى منطقة السنك والرابع من منطقة السنك حتى نهاية الشارع في منطقة الباب الشرقي وأضاف المؤلف الفاضل فصلاً أخيراً عن مشاهدات من وحي ذاكرته.