كردستان العراق ينعى موسمه السياحي

بانوراما 2020/06/27
...

دهوك/ أ ف ب
 
في هذا الوقت من العام، عادة يكون مطعم أحمد حازم مزدحماً. لكن مع تفشي وباء (كوفيد - 19) والحظر الشامل المفروض في العراق، لا يستقبل هذا الكردي حالياً إلا بعض أبناء مدينته العاطلين عن العمل.
يقول حازم لوكالة فرانس برس، وسط الكراسي الحمراء التي رتبها العام الحالي ظناً منه أنه سيستعيد زخم المواسم الماضية: “قطع الطرق بسبب الحظر تسبب في عدم وصول السياح. المكان فارغ من الزوار”.
وتعتمد المناطق السياحية في إقليم كردستان العراق في الغالب، على السياح العراقيين الآتين من مناطق وسط وجنوب البلاد، هرباً من حرّ الصيف القاسي إلى الفنادق والمطاعم في جبال الإقليم.
ويتمتع إقليم كردستان العراق بالعديد من المناطق السياحيَّة من أنهر وعيون طبيعية وشلالات، وتكون درجة الحرارة فيها معتدلة.
 
سياحة “صفر”
يقول مدير السياحة في قضاء العمادية بمحافظة دهوك نظيف علي لفرانس برس: إنه “بسبب فيروس كورونا انخفض قطاع السياحة إلى الصفر”.
ويضيف أنه “وصل فقط في موسم الربيع في العام الماضي أكثر من مئتي ألف سائح” إلى منطقته، لكن العام الحالي “لم يأت أحد”.
ذلك لأن إقليم كردستان كان أول من بدأ تطبيق الحظر الشامل منذ آذار الماضي، وأغلقت أربيل والسليمانية ودهوك مداخلها أمام الزائرين، وقطعت الطرقات مع باقي محافظات العراق، وأغلقت الفنادق والمطاعم أبوابها.
كل ذلك كان للحد من انتشار وباء (كوفيد - 19) الذي أصاب منذ بدء انتشاره في آذار الماضي حتى اليوم أربعين ألف شخص وأودى بحياة نحو 1500 شخص في العراق، بينهم نحو خمسة آلاف إصابة ونحو 150 وفاة في كردستان.
ويشكل ذلك ضربة قاسية لتلك المنطقة الغنية بالنفط، وتعتمد منذ سنوات على السياحة لمحاولة تنويع اقتصادها ومصادر دخلها.
وشهد إقليم كردستان خلال السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في مجال بناء الفنادق والمطاعم السياحية، وخصوصاً بعد تنشيط السياحة الشتوية أيضاً.
وبحسب بيانات رابطة المطاعم والفنادق في الإقليم، يوجد أكثر من ألف مرفق سياحي، إلى جانب 868 فندقاً وشقق مفروشة في عموم المنطقة.
وتشير الرابطة نفسها إلى أنَّ “نسبة التشغيل في تلك المرافق حالياً هي صفر في المئة”، في مشاريع كانت تهدف أصلاً إلى خلق فرص عمل في بلد تنتشر فيه البطالة والفقر.
 
أزمة اقتصاديَّة
يقول نائب رئيس الرابطة شكر عزيز لفرانس برس إنه كان يعمل نحو 8500 شخص في قطاع الفنادق والشقق الفندقية في الإقليم.
أما في ما يتعلق بالمطاعم، فيضيف عزيز “حاليا المطاعم تعمل ولكن ليس مثل السابق.. نسبة التشغيل هي تقريباً 50 في المئة، والاعتماد فقط على سياح الداخل الذين عادة يتوجهون إلى المناطق السياحيَّة في أيام العطلة الرسميَّة”.
وإذا كان أصحاب المهن خائفين، فإنَّ السلطات تشهد أيضاً اندثار أحد مصادر الدخل.
فالعام الماضي، ضخ قطاع السياحة ما يقارب ملياراً ونصف المليار دولار في الاقتصاد الكردستاني، بحسب ما يؤكد المتحدث باسم الهيئة العامة للسياحة في كردستان نادر روستي.
لكنَّ العام الحالي، لن تكون الأرقام معروفة حتى نهاية الموسم، لكنها تعد بأنْ تكون كارثيَّة مع انهيار أسعار النفط وعجز حكومة الاقليم عن دفع رواتب موظفيها منذ أشهر عدة.
وعلى الإقليم أنْ يسدد شهرياً ديونه للشركات النفطية العاملة على أراضيه. ومؤخراً، كان عليه أنْ يلتزم بخفض الإنتاج الذي قررته منظمة أوبك.
 
خسائر حادة
وفي مصيف “أفا شين كلي شيرانه” التابع لقضاء العمادية في دهوك، أوعزت حكومة الإقليم بإعادة الحياة لبقية الأماكن السياحية بعد إغلاق دام 3 أشهر بسبب إجراءات مواجهة كورونا.
وتسبب الإغلاق في تكبد قطاع السياحة في الإقليم خسائر مالية كبيرة قدرت بأكثر من 200 مليون دولار، بحسب تصريحات صحفية.
ولا تعني عودة الحياة إلى المصايف أنَّ الإجراءات الوقائية انتهت، بل إنها باقية وفق خطة أعدتها الحكومة في إقليم كردستان، كما أن المصايف لن تستقبل القوافل أو الزوار من محافظات البلاد الأخرى، بل ستكتفي في البداية باستقبال الأهالي في محافظات الإقليم الثلاث “أربيل والسليمانية 
ودهوك”.
المتحدث باسم هيئة السياحة في إقليم كردستان، نادر روستي، أوضح أنَّ قرار الهيئة بشأن إعادة فتح المصايف والحدائق العامة أمام المواطنين في الإقليم جاء بناءً على القرارات الصادرة من غرف العمليات داخل 
المحافظات.
وأشار في تصريحات صحفية إلى أنَّ “هيئة السياحة تعدُّ هذا الافتتاح خطوة أولى وبداية جيدة نحو إعادة الحياة للقطاع السياحي بعد تكبده لخسائر بملايين الدولارات نتيجة أزمة كورونا التي ضربت العراق والعالم”، مبيناً أن “الهيئة أصدرت مجموعة من التعليمات الوقائية للعاملين في المصايف والمتنزهات وغيرها، من بينها الالتزام بالتعقيم والتعفير للأماكن المغلقة وأماكن الألعاب وغيرها، فضلاً عن ضرورة ترك مسافة بين الأسر”.
ووفقاً لعضو برلمان الإقليم، عثمان كريم، فإن “القطاع السياحي في الإقليم تعرض لخسائر كبيرة جداً تقدر بمليارات الدنانير، ونحتاج إلى فترة طويلة حتى نتمكن من تعويض الخسائر”.
 
مصايف شقلاوة
ولأول مرة منذ العام 2003، تبدو مصايف شقلاوة في أربيل ومصايف دهوك وجبال السليمانية وحدائقها خالية من السياح الذين اعتادوا سنوياً بمثل هذه الأيام على الخروج والتنزه والتمتع بأجواء الربيع فيها، خصوصاً أن السياحة في كردستان العراق تُعد رائجة عند العراقيين نظراً لكونها لا تتطلب الكثير من الأموال وأنها قريبة نسبياً من كل المحافظات.
إلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن “كردستان لا تحتمل الإغلاق كثيراً، لأن مصادرها محدودة، وهي ليست أكثر من محافظات يعيش سكانها غالبيتهم على القطاع الخاص والعمل في الأسواق والسياحة في المصايف، وأن نسبة الموظفين لدى الدولة ليست كبيرة، ويعني ذلك أن الإغلاق وحظر التجول يؤديان إلى مجاعة بطريقة أو بأخرى”، لافتاً إلى أن “حكومة كردستان تدرك أنها إذا أبقت المصايف مغلقة لأشهر مقبلة، فذلك يعني أن الأزمة الاقتصادية ستكبر وتتسبب بعجز مبكر في ما تملك من أموال”.
وبعد أن قررت السلطات رفع حظر التجول والسماح للناس لمزاولة أعمالهم شريطة تطبيق الإجراءات الصحية، بدأت الحياة تدب تدريجياً في الأماكن السياحية.
وتداعى كثير من الزوار إلى المرافق السياحية في إقليم كوردستان في الأيام القليلة الماضية وسط رقابة شديدة من قبل اللجان السياحية التي ألزمت أصحاب تلك الأماكن بتطبيق الإجراءات الصحية.
وبحسب لائحة التعليمات الجديدة فإنه لن يسمح لاي زائر بالتواجد داخل أي مرفق سياحي ما لم يلتزم بكامل التدابير الوقائية والصحية.
وبينما تستعيد المصايف وباقي الأماكن السياحية عافيتها، ستواصل اللجان المختصة عمليات التعقيم والتعفير لمواجهة الجائحة 
الوبائية.